إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


       



بيان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول مشروع إقامة "الكيان الفلسطيني "
المصدر: " الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1971، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 7، ط 1، ص 45- 46 "

بيان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول مشروع إقامة
" الكيان الفلسطيني ".

( الهـدف، العـدد 82،
بيروت، 9 / 1 / 1971، ص 4 )

         تتعرض المنطقة العربية هذه الأيام إلى حلقة جديدة من حلقات التآمر الامبريالي الرجعي ضد ثورتنا وشعبنا، يجري لها تحرك سريع على النطاقين العربي والدولي. وكجزء من مؤامرات التصفية والحلول السلمية، يتخذ هذا التآمر شكلا جديدا وجد له تعبيرا بما سمي " بالكيان الفلسطيني " أو " الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة "

         لقد تصدت حركة المقاومة المسلحة فور نهوضها على الساحة العربية لهذا المشروع الاستعماري الذي روجت له الدوائر الاستعمارية عقب هزيمة الخامس من حزيران ( يونيو) مستغلة الحالة النفسية التي كان يعيشها شعبنا في الأرض المحتلة، ومستندة إلى بعض الوجوه التقليدية الخائنة في الضفة الغربية وقطاع غزة. ومع نمو حركة المقاومة واستقطابها جماهير غفيرة من أبناء شعبنا العربي، وجدت الدوائر الاستعمارية في هذا النمو خطرا أكيدا يتهدد مصالحها في المنطقة العربية، فبدأت تخطط بالتعاون مع الرجعية العربية لتطويق المقاومة وتصفيتها تمهيدا، لإقرار الحلول الاستسلامية، فكانت المؤامرات التي نفذتها الرجعية الأردنية- والتي بلغت ذروتها في مجزرة أيلول ( سبتمبر) الرهيبة - حصيلة هذا التخطيط الذي أعد في الدوائر الاستعمارية وأوكل تنفيذه للنظام العميل في الأردن.

         لقد كان يدور في خلد الأوساط الامبريالية والرجعية، أن تصفية المقاومة لا يحتاج إلا إلى وقت قصير توجه خلاله ضربة قاصمة، تصفي الوضع الثوري المسلح، وتخلق الظرف الملائم لتمرير المشاريع التصفوية، وترتب أوضاع المنطقة حسبما تشاء، إلا أن صمود المقاومة وتصديها للهجمة الشرسة لمدة تزيد عن عشرة أيام، قد أحبط مخطط السلطة العميلة في القضاء على حركة المقاومة التي استطاعت أن تحافظ على وجودها وبقائها في الساحة الأردنية رغم ما تعرضت له من مآس وتضحيات.

         لقد ثبت من خلال معركة أيلول ( سبتمبر) الرهيبة، إن توجيه ضربة سريعة وقاضية لحركة المقاومة لا يمكن أن يكتب له النجاح، ذلك لأن المقاومة مثلت: ولا زالت تمثل واقعا موضوعيا وثوريا لا يمكن اقتلاعه، طالما بقي الالتحام الجماهيري بها هو أساس صمودها، ولقد تأكد للدوائر الامبريالية من خلال كل ما جرى من أحداث، أن حركة المقاومة تجسد واقعا موضوعيا يعبر عن حالة واقعية يعيشها الشعب الفلسطيني، ولهذا فإن أية تسوية لقضية هذا الشعب ينبغي أن تأخذ بنظر الاعتبار الطموح السياسي لهذا الشعب المشرد.

         ومن هنا أخذت الدوائر الامبريالية - وخاصة بعد الوضع الذي نشأ عن معركة أيلول ( سبتمبر ) - تمارس الصيغة الأكثر ملاءمة مع الظرف الذي تعيشه حركة المقاومة في محاولة لتقليص اليسار ومحاصرته والتوجه لضربه في مرحلة قادمة بشكل خاص على ضوء تطور الظروف، لتدفع بالاتجاه الذي يساعدها على خلق حالة من اليأس بين الجماهير الفلسطينية في داخل الأردن وخارجه، ولكي تقنع هذه الجماهير أن لا سبيل أمامها إلا الموافقة على مشروع الكيان الفلسطيني، وحتى تتخلص من كل هذه الضغوطات الحياتية واليومية، هذا بالإضافة إلى محاولة تجنيد كل القوى السياسية الفلسطينية التي تؤيد بشكل أو بآخر الدعوة إلى إقامة "الكيان الفلسطيني" المزعوم، وإذا أخذنا بنظر الاعتبار ما يجري على الساحة العربية والدولية من تحرك يخدم هذا الاتجاه، لوجدنا أن كل الدلائل تشير إلى محاولة فرض هذا الواقع على شعبنا وإيجاد المبررات المقنعة لضرورته.

         ولقد بدأت الأوساط الاستعمارية في أميركا وبريطانيا، وعلى نطاق الصحافة التي تصدر في هذين البلدين، التمهيد لهذا المشروع بالحديث عن مشاركة الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره عن طريق إقامة الدولة الفلسطينية المزعومة، مستغلة بذلك الوضع الذي خلقته أحداث أيلول ( سبتمبر ) الدامية، الذي تحاول الدوائر الامبريالية من خلاله أن تقنع شعبنا في الأرض المحتلة بأنه البديل عن الحكم الإرهابي في الأردن، أضف إلى ذلك التصريحات التي أطلقها مسؤولون إسرائيليون عن ما يسمى بالحكم الذاتي أو المدني للمناطق المحتلة من أرضنا، كما أن السلطة العميلة في الأردن تحاول، عن طريق التفريق بين الأردني والفلسطيني، والتضييق على أهل قطاع غزة المتواجدين في الأردن، أن تخلق حالة من اليأس تدفع بالجماهير الفلسطينية للقبول بهذا المشروع.

<1>