إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


   



رد الناطق الرسمي الأردني على برقية السيد ياسر عرفات إلى الرئيس أنور السادات
المصدر: " الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1971، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 7، ط 1، ص 237 - 238 "

رد الناطق الرسمي الأردني على برقية السيد ياسر
عرفات، رئيس اللجنة المركزية لمنظمة التحرير
الفلسطينية ، إلى الرئيس أنور السادات، رئيس
الجمهورية العربية المتحدة.

عمان، 30 / 3 / 1971

 

( الدستور، عمان، 31 / 3 / 1971 )

          انني لا أريد ان اناقش مدى كذب الادعاءات التي تورط فيها السيد ياسر عرفات، اذ يكفي أن أذكر بانه قد عودنا في هذا البلد، كما عود الجماهير العربية في كل مكان ومع الاسف - على هذا ، الاسلوب المفضوح القائم على افتعال المشاكل، ثم الصراخ والعويل طلبا لنجدة الثورة والثوار في عمان وأربد.

          وإن برقية السيد ياسر عرفات للرئيس السادات انطوت على مزاعم لم يعرف الخلق السياسي مثيلا لها من قبل، فهو يقول ان الجيش بدأ مذبحة في عمان مساء أمس، وأهل عمان بما في ذلك السفارات العربية يعرفون أن ذلك لم يحدث. فتحرك القوات العسكرية بكل بساطة لا يمكن ان يتم بمعزل عن أعين الناس، فهو - ليس أمرا سحريا يمكن ان يتم في لحظة ما وفي الخفاء.

          والسؤال الذي يجب ان يطرح الآن هو: ما هو الغرض من وراء برقية السيد عرفات تلك؟

          من الملاحظ ان برقية السيد عرفات تقول: ان شعبنا - ويقصد الشعب الفلسطيني - يتعرض لحمامات دم في عمان. وان التفسير الوحيد لهذا الادعاء هو ان السيد عرفات ما زال ماضيا في تمزيق الوحدة الوطنية في الاردن بالايحاء بان المواطنين من ابناء الضفة الغربية يتعرضون للمذابح. وكأنه يقول لهم انكم مجموعة منفصلة فحافظوا على انفسكم من المجموعة الاخرى، وبذلك يتمكن من تمزيق الجبهة الداخلية التي لا يفيد من وراء تمزيقها الا العدو.

          واذا كان السيد عرفات يريد بمثل هذه التصريحات والبرقيات التي ما انفك يطلقها ويوجهها بين الفينة والاخرى، ان يبرر انصرافه عن واجبه الاساسي فاننا نود ان نلفت الانتباه الى أن الثورة والتحرير لم يحدث أن تحققا في تاريخ الثورات وحركات التحرير عن هذا الطريق، فالاجدر به ان يعالج نقاط ضعفه بدلا ، من تجاهلها ومحاولة تبريرها.

          ثم ان مجرد ذكره أن الثورة في عمان وأربد تتعرض للخطر هي بحد ذاتها تهمة موجهة اليه نفسه، لانه يعترف بان ثورته هي في المدن الاردنية فقط وليس حيث يجب ان تكون، ونحن نتساءل ومعنا كل المواطنين، بل وكل الشرفاء، عن سر إصراره على البقاء في المدن ، هذا البقاء الذي أصبح - كما يبدو - الهدف النهائي للسيد عرفات من وراء جمعه المال وتدريبه الرجال.

          وأخيرا يؤسفنا ألا تساعد الدول العربية العمل الفدائي كما يجب أن يساعد، حينما تصدق مثل تلك الادعاءات. الامر الذي يكرس انحرافات العمل الفدائي بدلا من تقويمه. نقول ذلك لان الدول العربية تعرف حقيقة الوضع كما تعرف مدى الانحراف الذي وقعت فيه قيادة العمل الفدائي، وان لم تكن تعرف فسفاراتها في عمان تعرف ذلك جيدا. ثم ان الاردن ليس بعيدا فهو ليس في المحيط الهادي ولكنه في وسط المحيط العربي، وبامكان أي مشكك أن يأتي بنفسه ليتأكد قبل ان يصدر أحكامه ويتخذ المواقف بشكل يسيء الى هذا البلد الشجاع الصامد، ويخدم بشكل غير مباشر مؤامرة الدولة الفلسطينية.

          ثم اننا لا نملك الا أن نتساءل أين تكون هذه الاصوات التي لا نسمعها الا متجاوبة مع التهريج والتخرصات، أين تكون حينما يقوم مسلحون مطلوبون للقانون باغلاق متاجرنا، ويقوم القتلة بتعريض أطفالنا وأرواح أبنائنا لخطر الموت، ويهاجمون مخافرنا ويطعنون جنودنا من الخلف، بل أين تكون آذانهم حينما ترتفع أصوات شعبنا مستنكرة هذه الاعمال ومطالبة بوضع حد لها.

          بل نود أن نسألهم سؤالا واحدا فقط هل يقبل أي منهم ان يرى شريعة الغاب تسود في بلده على حساب النظام والقانون وأمن المواطن واقتصاد البلد؟ هل يقبل أي منهم شيئا واحدا مما يواجهه بلدنا من أعمال فوضوية غير مسؤولة؟

          اننا لا نملك إلا أن نأسف لهذه المواقف التي يتسبب فيها السيد ياسر عرفات، آملين ان يتذكر هو نفسه أن إسرائيل ما زالت تحتل ارضنا بل انها تطلع علينا في كل يوم بتأكيد جديد يشير الى اصرارها على البقاء في أرضنا لعل السيد عرفات بذلك يعود ليفكر من منطلقات وطنية مسؤولة خدمة للقضية وأهداف التحرير.


<1>