إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


   



برقية الملك حسين إلى اللواء جعفر النميري رداً على برقية اللواء النميري إليه
المصدر: " الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1971، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 7، ط 1، ص 261 - 262 "

برقية الملك حسين إلى اللواء جعفر النميري، رئيس
مجلس قيادة الثورة ورئيس مجلس الوزراء السوداني،
ردا على برقية اللواء النميري إليه.

عمان

 

( الدستور، عمان، 4 / 4 / 1971 )

          سيادة الاخ جعفر محمد النميري، رئيس مجلس قيادة الثورة رئيس الوزراء - الخرطوم.

          سلام الله عليكم ورحمته وبركاته وبعد،
          لقد آثرت أن أستهل رسالتي لسيادتكم بقول الله عز وجلسورة الحجرات آية 6 يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين

          وانه لحري بكل مسؤول ومواطن عربي على حد سواء باتباع ما تنطوي عليه هذه الآية الكريمة من معان رائعة، وخاصة بالنسبة لما نواجه في هذا البلد الصامد على اطول خطوط المجابهة مع الخطر المهدد، لأمتنا جمعاء.

          ان بلدنا يا سيادة الرئيس يحمي المشرق العربي كله ويجسد في مسيرته ارثه للثورة العربية الكبرى، آمال جماهير امتنا كلها، والذي تآخى فيه الاخوة والاهل، فلسطينيين واردنيين على طريق الشرف والكرامة، وحول اهلهم وابنائهم من أفراد قواتنا المسلحة التي تضم صفوفها صفوة الرجال من ابناء ضفتي اردننا العزيز.

          وانني، يا سيادة الرئيس، شخصيا، اتحمل مسؤولية القيادة في وجه أشد وأقسى ما يمكن ان يجابهه أي انسان، حيث لا تكفينا محنة الاحتلال وتحدي العدو بل يضاف اليها تجني الاخ والشقيق والصديق والرفيق في التنكر لما سجلته وتسجله مسيرة الاردن الطويلة من مواقف رجولة وبطولة وشرف وعروبة. وليس في بلدنا يا سيادة الاخ عميل أو متآمر، ولا يجوز بكل معايير الاخوة والصدق والرجولة ان يحمل الاردن الذي اعطى واجزل العطاء نتاج فشل منظمات المقاومة التي افسحنا لها في قلوبنا وارضنا ودعمنا جهدها في اداء دورها بغير حدود، واذا أريد تحديد مسؤولية السلبيات التي اساءت الى المقاومة ، فان اخواننا العرب الذين سمحوا لانفسهم بان ينقلوا كل متناقضاتهم الى صفوفها يتحملون القسط الاوفر، كما يتحملها من سكت وصمت وتستر على اخطائها، وقد أكون في جملة هؤلاء.

          لكن ما منعني ومنع مواطني أسرتنا الاردنية الواحدة من الحديث بصوت عال عن تلك السلبيات والأخطاء، حرصنا على توفير كل الفرص للمقاومة لتقوم ما اعوج من أمرها، وتصلح نفسها. ولقد كان يمزقنا الاسى ونحن نرى المقاومة تتغاضى عمن يجترح في حقها وفي حق شرف المقاومة على الارض العربية، وفي سائر الدنيا، مما يعزلها عن كل عطف وتأييد. وانني لا أكتمك بأني اشعر ان مؤامرة خبيثة تستهدف بلدنا لتلبس هذا التناقض المزعوم بين الجندي والفدائي ، وتتزيا بهذا الضجيج عن اقتتال الاردني والفلسطيني، وتحت هذه الشعارات المجرمة يصور حرصنا على سلامة اقتصادنا وأمتنا ووحدة جهدنا العسكري على انه يستهدف المقاومة، في حين يشكل سلامة اقتصادنا وامتنا ووحدتنا الوطنية الاسس الحتمية للصمود والتحرير. وان ما تتعرض له ساحتنا من تخريب لمؤسساتنا الاقتصادية، ومحاولات لتفتيت جهدنا العسكري، هو بالضبط ما كان يجب تأديته في الارض المحتلة وخلف صفوف العدو وليس الاحتلال الذي تجدر مقاومته راجحا في العاصمة والمدن والقرى، وليست مدننا وقرانا بالاماكن التي كان يفترض ان تزرع المقاومة العربية نفسها فيها.

          افلا يحق لي اذن، يا سيادة الاخ، ان أتألم وأنا أسمع العرب يرددون ما ينطلق على ألسنة الاعداء أنفسهم ويقبلون ويحددون المواقف في حقنا على ضوئه.

          افلا يحق لي ولكل انسان في بلدي هذا ان يتساءل أية مقاومة هذه هل هي عربية فلسطينية حقا. ان الفلسطينيين هنا شعب يعيش ما نعيش، لاننا منه واليه، حريصون عليه حرصنا على انفسنا، حريصون على أمنه وسلامته، حريصون على ان تنقذ أرضه ثم يمارس حقه كاملا في تقرير مصيره لا في ظل الاحتلال وتحت سلاح العدو، ولا في ظل الارهاب والتسلط عليه من أي كائن كان.

          اطمئنوا يا سيادة الاخ والله يرعاكم.


<1>