إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


       



رسالة الملك حسين إلى الرؤساء الروحيين المسيحيين في العالم حول تعرض مدينة القدس للتهويد الشامل
المصدر: " الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1971، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 7، ط 1، ص 266 - 267 "

رسالة الملك حسين إلى الرؤساء الروحيين المسيحيين في
العالم حول تعرض مدينة القدس للتهويد الشامل.(1)

عمان، 5 / 4 / 1971

 

( الدستور، عمان، 6 / 4 / 1971 )

         ابعث لقداستكم، اصالة عن نفسي ونيابة عن حكومة وشعب المملكة الاردنية الهاشمية، باحترامنا وصادق تقديرنا وأطيب تمنياتنا وبعد، فانني اذ أوجه هذه الرسالة لقداستكم، فبروح المؤمن بوحدة هدفنا في قيام السلام القائم على العدل في المنطقة التي نعيش فيها والعالم اجمع، ولما نعرفه والعالم أجمع عن الجهود الكريمة الدؤوب التي تبذلونها فيما يعود على بني الانسان بالخير والتآخي والاطمئنان.

         انني أعرف الناس بالمكانة التي تحتلها المدينة المقدسة في قلبكم الكبير، وسائر الاماكن المقدسة والارض وشعبنا الواحد الذي يعيش منذ حزيران ( يونيو ) عام 1967 خلف أسوار الاحتلال الاسرائيلي، ويعنيني هنا وبشكل خاص وضع القدس العربية بالذات التي نبهنا منذ احتلالها، ولا زلنا، الى اهمية عدم المساس بها بما يؤثر على طابعها ويسيء الى واقعها اساءته الى حقوق المؤمنين بالله فيها من اتباع الديانات السماوية العظيمة، وبخاصة المسلمين والمسيحيين في كل ما هو قائم لهم فيها عبر التاريخ، وما تشرفنا بحمايته لهم في السنوات الطويلة، كانت امتدادا طبيعيا لما استمر لاكثر من ألف عام، وفي غمرة نضالنا من اجل استرداد الارض العربية المحتلة ليقوم من ثم السلام العادل الدائم، حيث الخيار امام اسرائيل هو بين تحقيق السلام أو احتفاظها بالارض المحتلة وضياع فرص تحقيقه بما يحمله ذلك من خطر ماحق على الجميع في المنطقة، والسلام العالمي باسره.

         افردنا لموضوع المدينة المقدسة كل اهتمام، ونقلنا الى الامم المتحدة والمحافل الدولية والجهات الصديقة، مرارا وتكرارا، شكوانا واستنكارنا المطلق لما تقوم به سلطات الاحتلال الاسرائيلي في المدينة، وفي حقنا جميعا من اعمال واجراءات، وسنن لقوانين تستهدف تهويد المدينة المقدسة والحاق الجزء المحتل بالدولة الاسرائيلية.

         وقد شجبت الامم المتحدة في مرات متعددة تصرفات السلطات الاسرائيلية، وطالب العالم بتوقف تلك السلطات عما كانت تفعل وتأتي مرات ومرات.

         ان المدينة المقدسة تتعرض الان لعملية تهويد شاملة تسير بخطوات حثيثة سريعة، فعمليات الاستملاك القسرية لمساحات شاسعة من الاراضي العربية المحيطة بها تتم باستمرار، وبناء الاحياء السكنية الضخمة فيها يزداد ولا ينقطع، بل ويتضاعف، وكذلك الضغوط على المؤسسات. في المدينة المحتلة على تنفيذ تعليمات سلطات الاحتلال وتهجير ابنائها المسلمين والمسيحيين بسبب شتى أنواع الضغوط التي تزداد، ولن يمضي طويل وقت على هذه الحال الا ويتم خنق مسيحييها ومسلميها تتحول اقداسنا الى متاحف اثرية للسواح، وذلك على حساب طابعها الروحي المميز.

         انني لواثق تماما بانكم تدركون ان السلام لن يتحقق، ولا يمكن ان يتحقق للمنطقة وللعالم، ما لم تنقذ القدس من هذا العبث الفاضح الصارخ بحقوقنا جميعا فيها وتصان هذه الحقوق. ونحن من جانبنا مسلمين ومسيحيين نفضل أن نموت عن بكرة أبينا على أن يسجل علينا التاريخ أننا تهاونا في ذرة من حق المسيحيين والمسلمين في المدينة المقدسة ، ومن حق المجتمع الانساني بأسره.

         اننا نستصرخكم ان تقولوا كلمتكم في ما يجري في القدس قبل فوات الاوان، تقولوها للملايين في هذا العالم الواسع لتعرف الحقيقة وتقف على رأيكم في ما هو واقع وفيما يجب أن يكون أمام الله والتاريخ والناس اجمعين.

         أما أنا فسأواصل اتصالي بكل المؤمنين، وبحكومات الارض والشعوب، اداء للواجب. وفيما يتعلق بالسلام فالقدس في نظرنا درته وهو لن يتحقق الا من خلال صون كل حقوقنا فيها، وفي انحسار الاحتلال كليا عن كل ما احتل منها في حزيران ( يونيو ) 1967 مع تأكيدنا عزمنا على الاسهام من ثم في جعلها مدينة المؤمنين بالله جميعا، وصون حقوقهم في مقدساتهم ووصولهم اليها جميعا.


(1) وجه الملك حسين هذه الرسالة إلى كل من البابا بولس السادس ، و البطريرك المسكوني اثيناغوراس، ومايكل رمزي رئيس اساقفة كانتربري، والكاردينال بولس بطرس المعوشي بطريرك الموارنة في لبنان.

<1>