إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


       



رسالة الملك حسين إلى الملوك والرؤساء العرب حول الوضع القائم في الأردن
المصدر: " الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1971، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 7، ط 1، ص 629 - 631 "

رسالة الملك حسين إلى الملوك والرؤساء العرب حول
الوضع القائم في الأردن.

عمان، 22 / 7 / 1971

 

( الدستور، عمان، 23 / 7 / 1971 )

          تحية عربية وبعد
          ففي هذه الساعات التاريخية التي يجري فيها طعن الحق وطمس معالمه كل لحظة، ونحر الاخوة والتنكر لها كل دقيقة، وجدت من واجبي أن أخاطبكم وانتم تتولون المسؤولية الاولى في بلدكم الشقيق وتسهمون في حمل الامانة المشتركة تجاه أمتكم وقضية مصيرها الواحد.

          وقبل كل شيء - أحب ان أذكر بأن لنا عدوا مشتركا يجثم الآن على فلسطين كلها، بالاضافة لاجزاء غالية أخرى من الاراضي العربية. وان جهده وعمله منصبان منذ وقت ليس بالقصير على تكريس وجوده في المناطق التي يحتلها منذ حزيران ( يونيو ) 1967 وفي طليعتها مدينة القدس. وأن أساليبه وطرقه لتحقيق ذلك مهما اختلفت وتنوعت فانه يظل من أهمها ما يلي:

          1 - تحطيم الروح المعنوية لدى الصامدين من أهلنا في الارض المحتلة، وتحطيم ثقتهم بأمتهم وآمالهم بالعرب أجمعين.

          2 - نسف الوحدة الوطنية في الاردن باعتبار أهله يشكلون شعبا واحدا بالذات، وذلك في ضوء معطياته السكانية والجغرافية باعتبار وقوفه على أطول خط من خطوط المواجهة.

          3 - الايقاع بين دول المواجهة والحيلولة دون تحقيق الحد الادني المطلوب من التنسيق والتعاون العسكري والسياسي فيما بينها.

          4 - إلهاء العرب كلهم واشغالهم في معارك جانبية يتكرس من خلالها ضعفهم وتتعمق اسباب تخلفهم.

          5 - تعطيل أو اعاقة الجهود التي تبذلها دول المواجهة بصورة خاصة والاردن بصورة أخص لبناء القوة العسكرية وما تقتضيه من تسليح وتدريب واعداد وذلك من خلال اضعاف اقتصاده وامكاناته المادية ولو في ادني حجم ممكن مطلوب.

          6 - تحقيق أمن وسلامة قوى الاحتلال في كل الارض المحتلة من خلال تفتيت كل طاقة شعبية وصرفها عن الاتجاه لمقاومة الاحتلال والظلم والعدوان وتحويلها الى أهداف مغايرة تماما تصل الى حد استخدام تلك الطاقة في الارض الصامدة لتنفذ فيها وفوقها الدور الذي كان ينبغي ان تؤديه في الارض المحتلة والذي ينبغي أن لا يقل عن:
          أ - تثوير الارض المحتلة كلها.
          ب - جمع المعلومات التفصيلية والشاملة عن العدو وأوضاعه وأحواله.
          جـ - ضرب القوات المسلحة المعادية وتشتيتها والتأثير على معنوياتها.

          د - ضرب المرافق الحيوية والمنشآت الاقتصادية والعسكرية.
          هـ - التمهيد للعمل العسكري المشترك.
          و - تحقيق المكاسب الاعلامية والدعائية والضغوط السياسية المطلوبة.

          وفي الاردن بالذات اضاف العدو الى هذه الاهداف هدف نسف الوحدة الوطنية لشعبنا الواحد كما أوشك أن يقع ويا للاسف، لولا وعي هذا الشعب وإيمانه بوحدته وتمسكه بها.

          ولقد وقف الاردن منذ البداية، وفي سائر الظروف والاحوال، وقفة امينة وفية من اخوته وأشقائه، يبصر بحقيقة العدو ويحذر من نواياه ويعلي كلمة الوحدة ويدعو الى العمل الجاد الهادف الصحيح. ولم يكن طريق الاردن في يوم من الايام غير طريق الصدق والصراحة، ولا كان سبيله غير سبيل الوضوح وتحمل المسؤوليات برجولة وشرف. لم يقصر في تضحية ولم يتوان في فداء بل أعطى، وبذل، وافتدى، جيشا وشعبا على حد سواء.

          هذه الحقائق ذاتها جعلت الاردن هدفا مباشرا لتخطيط العدو وتدبيره. ووجد العدو ضالته أول ما وجدها في نفر من الناس تعهدوا بأن ينفذوا في الاردن ما كان ينبغي أن ينفذ ضد العدو من أدوار. ثم تجاوزت أماني العدو حدودها المرسومة تخطت آماله حدود الممكن والمعقول حين رأى وقفة الاردن في وجه كل ذلك تقابل من أمته من اخوته من اشقائه، من أهله وعشيرته، بالاستنكار والتجني والظلم والبهتان. ويعلم الله أن العدو حين خطط ودبر ، ورسم وتآمر، لم يأمل في يوم يجيء سريعا، واذا بالجهد أكثر الجهد ينثني عن مواجهة العدو ليواجه به الاردن، والامكانات اكثر الامكانات، ترتد عن محاربة العدو ليحارب بها الاردن، والطاقات أكثر الطاقات تنصرف عن واجبها في خدمة القضية وانقاذ المصير ليجرح بها الاردن ويشتم بلا حساب.

<1>