إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


       



( تابع ) رسالة الملك حسين إلى الملوك والرؤساء العرب حول الوضع القائم في الأردن
المصدر: " الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1971، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 7، ط 1، ص 629 - 631 "

          لقد وقف الأردن في وجه ذلك التخطيط المعادي بعزم وقوة لأنه رأى في نفسه نقطة بداية، ستكبر وتتسع، لتشمل المزيد من الاقطار العربية لو ان النجاح قد قدر لذلك التخطيط الرهيب. ومهما ارتفع صوت الباطل بضجيجه وانفعالاته، فانه لن يستطيع ان يخنق كلمة الحق او يمحوها. ومهما اشتدت حملات الكذب والافتراء فانها لا تقوى على اغراق الحقيقة بعد أن أنقذها العزم وشرفها التصميم والايمان.

          من هنا رأيت من واجبي أن اكتب، لأخي في هذه اللحظات التي تكاد دوامة الدس الخبيث والوقيعة الشريرة تلف العالم العربي من أقصاه الى اقصاه لأعيد عليه توكيد الحقائق التالية:

          1 - ان الحالة في الاردن الصامد طبيعية وعادية وهادئة. والشعب الواحد فيه ماض في حياته بأخوة وجد ونشاط، يعمل ويبني كعادته، من أجل ابنائه وفي سبيل العرب أجمعين والامن والنظام مستتبان تسهر عليهما القوات العربية الاردنية المسلحة سهر المواطن نفسه في الليل والنهار.

          2 - الحديث عن مجزرة مزعومة أصبح الآن حديث افتراء وكذب وتهويل خصوصا وان ما حدث لم يكن غير عملية أمنية دفع الى القيام بها تعمد الطرف الآخر ارتكاب سلسلة لا تنتهي من حوادث الارهاب ضد المواطنين الآمنين وأخرى لا تنتهي من المخالفات السافرة المتعمدة لاتفاقيتي القاهرة وعمان. أما حجم الخسائر الحقيقية فقد تبين والحمد الله انه لا يكاد يذكر بالقياس لما رددته افتراءات المفترين واكاذيب الكاذبين.

          3 - ان النتيجة الوحيدة والرئيسية لما وقع هي ازالة الشوائب التي يمثلها المندسون على المقاومة والذين اثبتت الوقائع تعاملهم مع العدو. وبالتالي فان المستفيد الحقيقي من تلك العملية الامنية، هو المقاومة الصحيحة بعد ان تخلصت من الشوائب والشروخ التي كانت تؤدي الى احتكاكاتها الدامية مع المواطنين كل يوم.

          4 - وعلى هذا فقد أصبحت الارضية مهيأة في الاردن أمام المقاومة لاعادة تنظيم نفسها على أسس صحيحة وسليمة تؤمن لها القوة والفاعلية، وتضمن لها النماء والاستمرارية. والاردن مستعد لاداء الدور الاكبر والاهم في هذا المجال لانه هو بلد القضية، وشعبه هو شعب القضية، ولايمانه بحقه، وحق شعبه في مقاومة الاحتلال ومقارعة الظلم والعدوان، وهو مصمم كعادته على دعم هذا العمل بكافة امكانياته وفوق أرضه بالذات، وبالتنسيق مع الاشقاء جميعا، ولا سيما الاخوة في دول المواجهة، لانه يرى انه لو لم تكن هناك مقاومة لوجب عليه ان يقيمها ويوجدها بنفسه.

          5 - وفي الوقت ذاته فان الاردن بشعبه الواحد اذ يؤمن بقدسية المقاومة التي تنبثق من صميم ذاته، ليؤمن بأن ليس من حقه التدخل من قريب أو بعيد في الشؤون الداخلية. لأي من اخوته واشقائه. وهو بنفس المقدار لا يقبل من أحد أن يتدخل في صميم شؤونه الداخليه كائنا من كان. وهو اذ لا يفرط من كرامته الوطنية بمثقال ذرة مستعد لان يرد عن تلك الكرامة ويدافع عن مواقفه وتضحياته بكل ما أوتي من قوة واقتدار.

          6 - ان الاردن يلقى على اولئك الذين اندسوا في صفوف ابنائه ، وراحوا ينفذون بوعي أو بدون وعي مخططات العدو ومؤامراته، مسؤولية كل الدماء التي أريقت والخسائر التي وقعت في صفوف شعبه وقواته المسلحة، وما تسبب عن ذلك كله من أذى للأردن نفسه وللأمة العربية كلها.

          7 - ان الاردن لم يتخل عن اتفاقية القاهرة ولم يتنكر لها ولا لما تبعها من اتفاق مع المقاومة الفلسطينية بل على العكس من ذلك فهو مؤمن كل الايمان بالركيزتين الاساسيتين لتلك الاتفاقية سيادة الدولة وحرية العمل الفدائي ايمانا تلقائيا وطبيعيا منه بقدسية حق شعبه في مقاومة الاحتلال في الارض المحتلة. وأن الذين ينبغي أن يحددوا موقفهم من تلك الاتفاقية هم أولئك الذين كانوا يخرقونها كل يوم ويمزقونها كل ساعة، بتحدياتهم المتواصلة لسيادة الدولة، وتعدياتهم المستمرة على حياة المواطنين وأمنهم واستقرارهم، وبما الحقوه من انحراف على العمل الفدائي حين جعلوا الاردن وشعب الاردن وجيش الاردن هدفا لهم وغاية بدلا من العدو الجاثم على صدور الاهل في الارض المحتلة الطهور.

          8 - اننا نرحب بأشقائنا يأتون الينا علي مستوى ليشاهدوا ويتحروا الحقيقة بأنفسهم، كما اننا ندعو اخواننا في دول المواجهة نفسها الى اجتماع يبحث فيه الموضوع برمته من خلال خطط الجبهات الثلاث الشقيقة وفي نفس الوقت فان الاردن مستعد للبحث مع اشقائه العرب في كل ما يعود بالخير عليهم وعلى القضية المقدسة، لكل ما يساعد على بناء القوة المطلوبة لاستعادة الحقوق وانقاذ المقدسات وهو ما نادى وطالب به منذ أمد بعيد.

          إن الاردن وهو يجدد موقفه الواضح الصريح، هذه المرة، ليرى أن الوقت قد حان ليأخذ العمل الجاد والخدمة الحقة دورهما في المسيرة العربية كلها والمقاومة جزء نبيل لا يتجزأ منها. وهو اذ يأمل أن يساهم كل عربي مسؤول في تحقيق ذلك ليسأل الله الهداية والتوفيق للجميع.

          والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


<2>