إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


       



( تابع ) حديث صحفي للفريق أول محمد صادق حول موقف الرئيس الراحل جمال من العمل الفدائي في ذكراه الثانية

إرسال العاصفة طوال الليل لتكون وسيلة المواصلات الرئيسية بين قيادة المقاومة وقواتها محققاً لها فوق ما تتمنى من حرية الحركة.

         أما الموقف الثاني، فقد كان في أعقاب قبول مصر لمبادرة روجرز، حيث بدأت إذاعة العاصفة في إذاعة تعليقات ضد مصر وهجوماً سافراً على عبدالناصر، وهنا عرض الأمر عليه مع اقتراح بوقف تلك الإذاعة ولكنه رفض، إيماناً منه بالعمل الفدائي وعملاً لحمايته.

         فقد أراد بذلك أن يظل الباب مفتوحاً لعلهم يراجعون أنفسهم، كذلك خشي أن يشعر العدو العملاء، إذا ما أوقفت، إن العمل الفدائي قد فقد تأييد مصر فينقضون عليه. واستمرت إذاعة العاصفة حتى بلغت صورة خشي معها أن تحدث بلبله في مصر وهي البلد التي يخرج منها صوتها. هنا فقط أمر عبدالناصر، وهو آسف، بوقفها غير حانق.

         إنني رأيت عبدالناصر في محنة أحداث سبتمبر 1970 عن قرب وقد سيطر على فكره أمر واحد وهو ضرورة الوصول بأسرع ما يمكن إلى وقف القتال في الأردن بين قوات الملك والمقاومة حتى يمكن إجراء اتصالات ومشاورات تستطيع أن تجد مخرجاً للأزمة غير الحرب الأهلية.

         وقد أوفدني يوم 17 سبتمبر 1970 برسالة إلى الملك حسين في عمان وذلك على اثر اجتماعه مع الرئيس القذافي في مرسى مطروح في نفس اليوم. ولم يكتف بالرسالة المكتوبة التي تحمل وجهة نظره هو والرئيس القذافي، ولكنه حَمَّلَهُ أيضاً مسؤولية أن يوضح شفوياً وجهة نظر عبدالناصر للملك في خطورة ما يتعرض له العمل الفدائي وهو التجسيد الحقيقي لشعب فلسطين وقضيته.

         إن ما بذله عبدالناصر، في هذه الفترة، في سبيل إنقاذ العمل الفدائي مما دبر له بقصد القضاء عليه، أمر سيذكره له التاريخ بالفخر والإكبار.

         وقد بدأت في نفس ذلك اليوم الاتصالات لعقد مؤتمر قمة للملوك والرؤساء العرب لبحث الموقف المتردي في الأردن، يحضره الملك حسين وياسر عرفات، والكل يعلم أمر هذا المؤتمر وكيف انتهى بعقد اتفاق القاهرة الذي أنقذ المقاومة وكذلك انتهى برحيل عبدالناصر إلى جوار ربه بعد أن أستنفذ آخر دقيقة من عمره.

         هذه كانت فلسفة عبدالناصر مع العمل الفدائي ولقد شاركه فيها في حياته الرئيس السادات كرفيق كفاح وهو اليوم يحمل من بعده عبء الرسالة على نفس الطريق.


<2>