إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


   



رسالة الرئيس أنور السادات إلى الدورة الحادية عشر للمجلس الوطني الفلسطيني
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1973، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج9، ط ا، ص 5-6"

رسالة الرئيس أنور السادات، رئيس جمهورية مصر العربية، إلى الدورة الحادية عشر للمجلس الوطني الفلسطيني.
القاهرة 6/1/1973 (الأهرام، القاهرة 7/1/1973)

الاخوة أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني،
         إنه لمن دواعي سروري واعتزازي، بل سرور واعتزاز شعب مصر كله، أن نرحب بكم مرة أخرى في القاهرة، في دورة مجلسكم الجديدة، وأن المعاني التى يعبر عنها هذا اللقاء في عاصمة بلدنا، لأبلغ من أي بيان، إذ يعكس الامتزاج الحقيقي بيننا ويؤكد واقع قضيتنا المشتركة، ووحدة النضال والمصير.

         إن اجتماع مجلسكم يجيء في وقت اتخذت فيه التحديات التي تتعرض لها امتنا العربية أبعاداً جديدة. فالعدو الاسرائيلي، وباعتراف القوى التي تبنته ورعتة، قد بلغ حد التشبع العسكري. فأخذ يضرب في كل مكان، وفي كل اتجاه. وهو ان لم يضرب برهة، فهو يهدد ويتوعد. ثم انه على الارض التي اغتصبها، عاكف على تغيير معالمها، وازالة آثارها وكل ما يربطها بتاريخها وتراثها الاصيل. وهو فوق كل هذا تصور أن حل مشكلة فلسطين لن يتاتى إلا بالقضاء عل شعب فلسطين، فأخذ يلاحق هذا الشعب أينما كان، وفي أي مكان وجد، محاولا اسكات صوته الى الابد، مهاجماً القرى وناسفاً الدور، وفاتكاً بالاطفال والنساء، وقائماً على تدبير عمليات الاغتيال لقادة هذا الشعب وطلائعه.

         وبالامس، أيها الاخوة، خاطبت شعبنا، مردداً ما سبق ان قلته مراراً، وهو ان الخطر الذي نواجهه، على جسامته، ليس هولا لا يقهر. وأن هزيمته ليست معجزة مستحيلة. بل على العكس من ذلك تماماً، فإن هزيمته ممكنة، لأنه مضاد لمنطق الطبيعة ومنطق التاريخ. وقلت إن هزيمته مسألة قابلة للتحقيق عندما يتوافر المناخ الملائم لتحقيقها. والمناخ الملائم لها هو مناخ الوطنية التي تجعل من كل إنسان كتلة حية من أرض وطنه وتجعل من كل كتلة أرض حياة تنبض وتهب وتقاتل. ولا شك أنكم متابعون ما بذلناه ونبذله هنا في جمهورية مصر العربية من أجل الإعداد لمعركة فرضها العدو على نفسه بصلفه وغروره وتحديه لكل المبادئ والقيم.

         غير أننا لا نواجه الخطر وحدنا وإنما تواجهه معنا كل أمتنا العربية، ولذلك أعلنت أننا سوف نطرح خطة عمل على مستوى دولة الاتحاد تضمن لجبهة القتال عمقاً وفاعلية وكفاءة تستطيع أن تؤمن لنا معركة ذات نفس طويل. ثم إننا لن نكف إطلاقاً عن مواصلة العمل على امتداد أمتنا العربية بهدف التحريك وإعادة الحشد والتوجيه على المستوى القومي.

         ولقد تابع شعبنا، بل وشعوب العالم كلها، المؤمنة بالحق والعدالة، بكل إعجاب وقفتكم في وجه عدوكم المغتصب، ونضالكم من أجل استرداد حقوقكم المشروعة والبسالة التي خضتم بها معارك غير متكافئة عدداً وعدة. ولا أحسبني بحاجة لأن أؤكد أن الموقف الحالي يقتضي أكثر من أي وقت مضى مزيداً من وحدة الصف بينكم وتلاحماً أكبر وصلة أعمق وأعرض مع أهلكم في الأرض المحتلة.

         إن مصر قد آلت على نفسها ألا تسمح لأحد بالتفريط في حق شعب فلسطين ولن يكون حق شعب فلسطين في تقرير مصيره موضع مساومة في أي وقت من الأوقات.

أيها الأخوة،
         إن حقنا واضح، وطريقنا واضح أيضاً. إن التحديات عظيمة، ولكن عزائمنا وإصرارنا أقوى وأمضى.

         إني أدعو الله أن يوفق مؤتمركم إلى ما فيه خير أمتنا ونصرتها وعزتها.


<1>