إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) رد اللجنة التنفيذية العربية على عرض المندوب السامي بتشكيل وكالة عربية على غرار الوكالة اليهودية
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 363 - 365"

السابقة. ثم إن الدول التي وقعت على نظام "عصبة الأمم" تعهدت في المادة العشرين منه بأن تلغى جميع العهود التي قطعتها على نفسها قبل دخولها في "عصبة الأمم" إذا كانت هذه العهود، لا تتلاءم مع نصوص هذا النظام. ولا يخالج أحداً شك أن تصريح بلفور الذي يعد اليهود بتأسيس وطن قومي لهم في فلسطين فرفضته الأهالي رفضا باتا هو مخالف كل المخالفة لنصوص نظام "عصبة الأمم" وروحه. فقد وضع هذا النظام على أساس تحقيق رغائب الشعوب وحماية الأمم الضعيفة المضطهدة لا على أساس اضطهاد حرية الشعوب وإكراهها على قبول خطة تحرمها من كل حقوقها السياسية وتخضع البلاد لسياسة وإدارة أجنبيتين على ما هى عليه الحالة الآن في فلسطين. فما كان أجدر حكومة جلالة الملك وهي من "عصبة الأمم" أن تلغي وعد بلفور هذا وتحل نفسها منه لأنه لا ينطبق على نظام "عصبة الأمم" وروحه.

        وقد أشار فخامتكم في بيانه المذكور إلى العهود التي قطعتها حكومة جلالة الملك حسين بشأن مستقبل البلاد العربية. لا شك أن هذه العهود التي قطعت في سنتي 1915 و 1916 قد ضمنت لفلسطين استقلالها ضمن البلاد العربية المعينة حدودها في الكتب التي تبودلت بين السير هنري مكماهون وجلالة الملك حسين سنة 1916 والتي اكتسبت صفة العهود الرسمية بعد أن وافقت عليها حكومة جلالة الملك قبل تصريح بلفور الذي لم يصدر إلا في 2 نوفمبر سنة 1917. إن هذا التصريح الذي صدر بدون أن يوافق عليه جلالة الملك حسين لا يلغي العهود المقطوعة لجلالته لا سيما وأن هذه العهود هي عهود دولية لأنها قطعت بين حكومتين مستقلتين بخلاف تصريح بلفور فإنه ليس له صفة العهود الدولية لأنه لم يقطع بين حكومتين مستقلتين وفقا لحقوق الدول (حقوق الدول للمؤلف الافرنسي بونفيس رقم 820). وإذا قيل إنه صار تعهداً دوليا لأن حكومة الملك قد تعهدت به لدى الدول الأخرى فذلك لا يكسبه أيضا صفة التعهد الدولي لأن التعهدات الدولية لا تكون صحيحة إلا إذا بنيت على أسس مشروعة وفقا لقواعد حقوق الدول (حقوق الدول للمؤلف الافرنسي بونفيس رقم 819) فتعهد حكومة جلالة الملك بمنح اليهود حقوقا لا تملكها مناف للقواعد المذكورة.

        أما ما تفضلتم به من أن وعد بلفور ذو شقين لا يناقض الواحد الآخر فأمر غريب. قد لا يكون تناقض بين شقي هذا التصريح إذا كانت البلاد يهودية وليس للعرب فيها إلا ما يكون لكل أجنبي دخيل في كل بلد من حقوق مدنية ودينية وأما وهذه البلاد عربية ولها الحق المطلق في الحياة الحرة المستقلة فلا يمكن ألا أن يناقض الشق الأول من هذا التصريح الشق الثاني والتوفيق بين هذين الشقين مستحيل.

        تفضلتم فخامتكم أيضا أن الحكومة من جهة وفخامتكم من جهة أخرى تبذلان السعي المتواصل في إدارة فلسطين على وجه يضمن عدالة متساوية لمصالح الفريقين ذوي الشأن. ولكن الهيئة العربية المذكورة تعتقد أنه مهما بذلت الحكومة ومهما بذلتم من السعي في هـذا الشأن فلا يمكن أن يضمن هذا السعي عدالة حقيقية لمصالح العرب لأن هذه المصالح لا تصان ولا تتحقق مع الوطن القومي الذي تبذلون الجهد في إنشائه. والهيئة تحتج بشدة على اعتباركم اليهود الأجانب عن البلاد ذوي شأن فيها. ثم إن الوطنيين لا يكتفون بهذه العدالة التي أشرتم إليها على فرض أنكم حريصون عليها لأنهم لا يرضون إلا أن يكونوا في بلادهم أحراراً يتولون حكم أنفسهم

<2>