إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) بيان القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية في سورية حول اتفاقية الفصل بين القوات في الجولان
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1974، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 10، ط 1، ص 203 - 203"

جعلتها تهتز وتترنح وتشرف على السقوط. ثم جاء قرار مجلس الامن بوقف اطلاق النار، مكرساً اتفاق الدولتين الكبيرتين على حل المشكلة سلمياً عن طريق مؤتمر دولي يعقد في جنيف بغرض تطبيق قرارات مجلس الامن القاضية بانسحاب اسرائيل من الاراضي العربية المحتلة.

          وكان لا بد لاسرائيل، نتيجة لما اصاب الخريطة السياسية لمنطقة الشرق الاوسط من تغيير نتيجة لحرب تشرين [ الاول (اكتوبر)] ، من ان تعيد النظر في مخططاتها السابقة التي اصبحت تتناقض تناقضاً واضحاً مع المعطيات الجديدة المحلية والدولية التي خلقتها حرب تشرين [ الاول (اكتوبر) ] التحريرية، مع إصرارها، قدر الامكان، على متابعة سياستها التوسعية على حساب الارض العربية.

          وبرغم تظاهر اسرائيل بقبولها لقرار مجلس الامن رقم 338 الذي يقضي بايقاف اطلاق النار، وعقد مؤتمر دولي في جنيف يؤمن تنفيذ قرارات مجلس الامن القاضية بانسحاب اسرائيل من الاراضي العربية وضمان الحقوق الوطنية للشعب العربي الفلسطيني، فانها لم تتخل عن اي من أهدافها السابقة، وانما لجأت الى إدخال عدد من التعديلات على اسلوبها، في الوقت الذي انطلقت فيه الابواق الصهيونية من القدس وتل ابيب، وعلى رأسها غولدا مئير، تنادي باستحالة الانسحاب من شبر واحد من الجولان، ظناً من المسؤولين الصهاينة أنهم قادرون على ان ينالوا من صمود شعب سورية او ان يضعفوا من عزيمته على الكفاح والنضال حتى النصر، مهما قست الظروف ومهما عظمت التضحيات.

          وجاء قرار الرئيس القائد حافظ الاسد بأن تتولى قواتنا المسلحة مهمة اقناع اسرائيل بما لم تستطع اقناعها به الحجج المنطقية والمساعي السياسية، وتحركت قوات الجيش العربي السوري، آخذة على عاتقها انجاز مهمة قومية مقدسة، وخوض معركة الاباء والكبرياء بمقدار ما هي معركة الارض والوطن. وكانت مهمة جيشنا في قتاله منفرداً لمدة ثمانين يوما ليلا ونهاراً، هي إفساد مخططات اسرائيل الجديدة، واحباط مناوراتها، ورد كيدها الى نحرها، وتثبيت دروس حرب تشرين [ الاول (اكتوبر)] مرة اخرى. ولكن الحرب هذه المرة تأتي بدون مفاجأة ولا في يوم الغفران، وانما مواجهة، وفي رابعة النهار، وعلى جبل هو اعلى جبال المنطقة.

          ان ملاحم البطولة والرجولة والفداء والاستشهاد، التي سطرتها قواتنا المسلحة بأحرف من نور على قمم جبل الشيخ وعلى طول الجبهة في الجولان، ستبقى مشعلا عاليا من مشاعل النضال العربي الذي ينير لنا ولاجيالنا، أبد الدهر، دروب الحياة الحرة والمستقبل الكريم. ولقد صحت اسرائيل من خداع نفسها وأضاليل قادتها، على حقيقة كانت تبدو لها، كما كانت تبدو للكثيرين في العالم، على انها ضرب من المحال، وهي ان سورية قادرة، ووحدها، ان تقاتل جحافل الغزاة الصهاينة ثمانين يوماً متوالياً، بل ثمانين شهراً، وأن تنزل بها في كل يوم اعظم الأضرار وأفدح الخسائر.

          ايها الأخوة المواطنون،
          هكذا، على صخرة صمودكم الجبارة، وبعزيمة ابنائكم البواسل في القوات المسلحة، وبارادة الرئيس القائد حافظ الاسد الذي يمثل ارادة شعبنا وآمال امتنا، تحطم الغرور الصهيوني، واندحرت مخططات القيادة الاسرائيلية، وتمت موافقتها على اتفاقية الفصل بين القوات العربية السورية والقوات الاسرائيلية، تلك الاتفاقية التي كرست النتائج التالية:
          1 - لقد استطاعت سورية، بصمود شعبها، وبصلابة قيادتها، وببسالة قواتها المسلحة، وبمتانة جبهتها الداخلية، ان تحول موضوع فصل القوات على الجبهة - وهو موضوع عسكري بحت - الى معركة سياسية تنتصر فيها الارادة الوطنية، وتجبر المعتدين على الانسحاب الجزئي من ارض وطننا المفدى دونما قيد اوشرط.

          2 - لقد رفع انتصار سورية في معركة الفصل رأس شعبنا عالياً في العالم، وعمق، الى حد كبير، النتائج الايجابية التي حصلت عليها امتنا العربية في حرب تشرين [ الاول (اكتوبر) ]، وأمد الجماهير العربية في كل مكان بمزيد من الثقة والامل في المستقبل.

          3 - لقد حطم جيشنا بمدافعه اسطورة "ان الجولان جزء لا يتجزأ من اسرائيل "، ووقعت اسرائيل على الانسحاب من عدد من قرى الجولان ومدنه، بما في ذلك مدينة القنيطرة ذاتها عاصمة الجولان.

          4 - لقد ضمنت اتفاقية الفصل جلاء قوات الاحتلال الاسرائيلي عن مساحة تتقدر (633) كيلومتراً مربعاً من الارض العربية السورية.

          وأمكن استعادة مناطق استراتيجية هامة من الناحية العسكرية، بينها ما يزيد عن عشرين تلا وموقعاً عسكرياً حصيناً.

          وأخرجت العديد من المواقع والمدن والقرى وطرق المواصلات ذات الاهمية التعبوية، من مدى نيران العدو في حالة تجدد القتال.

          وأصبح طول جبهتنا الجديدة مع العدو (68) كيلومتراً فقط بعد ان كان طولها (103) كيلومترات، وهى ميزة عسكرية هامة بالنسبة لنا.

          ان القيادة السورية، برغم انها كانت تدرك ان هذه المباحثات لم تكن، بحكم طبيعتها العسكرية، هي المجال الصالح لطرح موضوع استعادة الارض المحتلة بكاملها،

<2>