إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


       



(تابع) بيان القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية في سورية حول اتفاقية الفصل بين القوات في الجولان
المصدر:" الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1974، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 10، ط 1، ص 203 - 203"

فانها حرصت مع ذلك، من خلال تحقيق بعض المكاسب، ان تحول هذه المباحثات الى معركة بين الارادات، وان تجبر الخصم على الاعتراف ببعض الحقائق والتنازل عن بعض المواقف التي كانت في نظره الى مستوى المبادئ. ولذلك، فان اي تقييم لاتفاقية من خارج هذا الاطار، برغم كل ما حققته من مكاسب، هو اخراج لها عن طبيعتها وخطأ فادح في تقييم نتائجها، واننا لننظر اليها تبعاً لذلك من خلال المبادىء الآتية:
        1 - ان هذه الاتفاقية تمثل اول تراجع اسرائيلي هام أمام العرب تحت الضغط العسكري، منذ بدء الصراع العربي - الاسرائيلي عام 1948 حتى الآن.

        2 - ان اسرائيل تخلت، بعد توقيعها هذه الاتفاقية، عن المبدأ الذي وضعته وثقفت شعبها عليه وأعلنته على العالم منذ حرب حزيران [يونيو] عام 1967 وحتى ايام معدودة، وهو ان الجولان ارض اسرائيلية ولا سبيل الى التنازل عن شبر منها.

        3 - ان اتفاقية الفصل جاءت نتيجة مباحثات دولية استمرت اكثر من شهر مليء بالعمل المتواصل، واشترك فيها وزيرا خارجية الولايات المتحدة الاميركية والاتحاد السوفياتي، واستقطبت باحتمالاتها الخطيرة أنظار الرأي العام العالمي والدولي، وكان موقف سورية، خلالها، موضع احترام وتقدير في العالم أجمع، سواء بالنسبة لموقفها في ساحة القتال او في مجال العمل الدبلوماسي.

        4 - ان هذه الاتفاقية وقعت في جنيف تحت علم الامم المتحدة وبحضور ممثليها وممثلي الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الاميركية، وهي بذلك تعتبر جزئية واجرائية على طريق الموضوع الاكبر والأهم، وهو موضوع تنفيذ قرارات مجلس الامن وهيئة الامم المتحدة المتعلقة باعادة الاراضي العربية المحتلة وضمان الحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني. وهذا المعنى لا توحي به الوقائع المشار اليها فقط، وانما جاء النص عليه صريحاً وواضحاً في صلب الاتفاقية وفي آخر بند من بنودها، اذ ورد: "هذه الاتفاقية ليست اتفاق سلام، بل هي خطوة نحو سلام عادل ودائم استناداً الى قرار مجلس الامن ذي الرقم 338، المؤرخ في 22 تشرين الاول [ اكتوبر] 1973".
        وسورية، حين قبلت القرار رقم 338، انما قبلته ضمن حدود ما فهمته منه، وهو الانسحاب التام من جميع الاراضي العربية المحتلة وضمان الحقوق المشروعة لشعب فلسطين. والتفسير السوري هذا سجل في سجلات هيئة الامم المتحدة.

        5 - ان جميع ما ورد في البروتوكول المتعلق بقوة مراقبي فصل القوات التابعة للامم المتحدة، قد وضع على اساس نزع صفة القوة الدولية عن هذه المجموعة من المراقبين، وعلى أساس ان لا تشكل هذه القوة في المستقبل اي قيد على ارادتنا الوطنية في استخدام جميع الوسائل الممكنة لتحرير ارضنا فيما لو فشلت الجهود السلمية في تحقيق ذلك. ومما يؤيد هذه الضمانة:
        أ - ان قوة المراقبين الدولين كانت في بلادنا منذ عام 1949 وحتى الآن، دون ان تقيد ارادتنا الوطنية في الدفاع عن حقوقنا كلما وجدنا ضرورة لذلك.
        ب - أن وجود هذه القوة على ارضنا موقوت بستة اشهر فقط، يحتاج تجديدها لقرار من مجلس الامن الدولي. والفرق واضح بين ان يكون تمديد فترة وجود القوات يحتاج لقرار من مجلس الامن، وبين ان يكون إخراجهم هو الذي يحتاج لقرار.
        جـ - ان هذه القوة، كما هو وارد في البروتوكول الملحق بالاتفاقية، تخضع لقوانيننا الوطنية، وليس لها حق تعطيل او الاساءة الى اعمال السلطة المدنية، ويقتصر سلاحها على السلاح الفردي، ولا تستعمل هذا السلاح إلا في حالة الدفاع المشروع عن النفس.
        د - لقد كان موقفنا خلال المباحثات، واضحاً وحاسماً تجاه منظمات المقاومة الفلسطينية والعمل الفدائي، ورفضنا اي قيد من شأنه ان يحد من تحرك هذه المنظمات ونشاطها او يقيد من نضالها المشروع لاستعاد الحقوق الوطنية للشعب العربي الفلسطيني.

        ايها الاخوة المواطنون،
        ليست هذه الاتفاقية إلا علامة جديدة على طريقنا الصاعدة باتجاه أهداف امتنا الكبرى في الوحدة والحرية والاشتراكية، نضيفها الى علامات كثيرة سبقت على طريق نضال امتنا. وأعظم قيمة لها، انها تفتح امامنا آفاقا جديدة للامل، وتمنحنا مزيداً من الثقة، وتمدنا بقدرات اكبر على متابعة النضال في سبيل بناء مستقبل كريم لشعبنا ولاجيالنا المقبلة.

        ويوماً بعد يوم، وكلما ازددنا تقدماً على طريق انتصارنا الشامل، ازدادت حاجتنا الى المزيد من الوعي، والى المزيد من الوحدة، والى المزيد من حشد الطاقات وتعبئة الموارد لنواجه بها مسؤوليات التحرير والبناء، ولنتغلب بها على مكائد الاعداء ومؤامرات المتربصين.

        ان هذه الاتفاقية، على تواضعها بالنسبة لاهدافنا الكبرى ولآمال امتنا العظيمة، ما كانت لتتحقق لولا حرب تشرين [ الاول (اكتوبر)] المجيد -، ولولا قتال قواتنا المسلحة البطولي خلال ثمانين يوماً كاملة. فهي، إذن، ثمرة من ثمار نضال شعبنا واستبساله، وهي مظهر من مظاهر انتصارارادته على أعدائه، وهي، اولا واخيراً، ثمرة قتال جيشنا الباسل وتضحيات قواتنا المسلحة التي ضربت اروع الامثلة في مجال الوفاء والتضحية والفداء، في سبيل تراب هذا الوطن المفدى وفي سبيل عزة شعبنا العظيم وكرامته.


<3>