إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) البيان الصحفي الصادر عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول انسحابها من اللجنة التنفيذية
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1974، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مح 10، ط 1، ص 344 - 347"

          ان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تتخذ هذا الموقف انطلاقاً من ايمانها وقناعاتها بأن المرحلة الخطيرة التي توصلت لها الثورة اصبحت تفرض عليها فرضاً ان تضع النقاط على الحروف، وان تصارح الجماهير بكل صدق، وان تضع كل واحد امام مسؤوليته، وان تضع جماهيرنا امام مسؤولياتها تجاه ثورتها وشهدائها وقضيتها ووطنها ومستقبل نضالها.

اسباب الانسحاب:
          من هنا، فانه يهمنا ان نضع امام جماهيرنا العربية والفلسطينية، اسباب انسحابنا من اللجنة التنفيذية حتى تكون الامور واضحة كل الوضوح، ولكي نؤدي واجبنا في شق الطريق الثوري امام حركة الجماهير:

  • اولا - بعد حرب تشرين [ الاول (اكتوبر)]، تبلورت اوضاع دولية وعربية تدفع باتجاه ترتيب ما سمي بتسوية سياسية للنزاع العربي - الاسرائيلي. وكانت اميركا هي القوة الاولى المتحمسة لهذه التسوية والعاملة على فرضها، مستندة الى موافقة الرجعية السعودية والرجعية المصرية بالدرجة الاولى. وكان واضحاً تماماً ما يمكن ان يترتب على مثل هذه التسوية من نتائج واضحة. فمقابل كل ضغط تمارسه الولايات المتحدة على اسرائيل، تقبض ثمنه تغلغلا لنفوذها وضماناً لمصالحها في ارضنا. ومقابل كل ارض عربية تنسحب منها اسرائيل، تقبض ثمنها دعماً لاقتصادها وقواها العسكرية وتثبيتاً لأمنها واستقرارها وتمهيداً لتثبيت شرعية وجودها في المنطقة. ولم تعد مثل هذه الصورة قابلة للمناقشة بعد ان تبلورت نتائجها بالملموس امام كافة جماهير شعبنا.

          امام هذا الوضع، كان واجب الثورة الفلسطينية ان تطرح امام كل الجماهير، الفلسطينية والعربية، تحليلا دقيقاً لهذه الصورة، وتحديداً لنتائجها، داعية لفضحها ومحاربتها وتعريتها امام الجميع لكي تكون ثورتنا شعلة لثورة الملايين من العرب بدلا من ان تكون غطاء لتخاذل واستسلام بعض حكامهم.

          لقد طالبت الجبهة، منذ انتهاء حرب تشرين [ الاول (اكتوبر) ] وتبلور صورة المؤامرة الامبريالية التصفوية، بأن تعلن الثورة الفلسطينية تحليلها للموقف السياسي الجديد ومحاربتها للتسوية التصفوية وعدم السماح باستعمال منظمة التحرير مظلة لتغطية تخاذل بعض الانظمة العربية المستسلمة. وكان مفروضاً في الثورة الفلسطينية ان تفضح حقيقة مؤتمر جنيف، وحقيقة النتائج التي سينتهي اليها، وان تضع نفسها بكل وضوح خارج اطار هذه التسوية التصفوية، وان تستمر في تعبئة الجماهير لمواصلة القتال لعشرات السنين مهما كانت التضحيات.

          ان قيمة الثورة الفلسطينية ان تقدم النموذج الذي تستطيع من خلاله جماهير الأمة العربية كلها ان تحسم تناقضها مع أعدائها بالسلاح عن طريق حرب التحرير الشعبية بدلا من طريق التخاذل والاستسلام في ظل ميزان قوى يجعل ثمن كل قطعة ارض نستردها اغلى من الارض نفسها.

          لقد حاولت الجبهة - جهدها ان تكون هذه الفترة فرصة لتقوية الثورة وتدعيم وحدتها الوطنية على اساس الرفض الواضح والجازم لمؤتمر جنيف ومؤامرة التصفية والاستمرار في خط الثورة. ولكن قيادة المنظمة ظلت تتهرب من تحديد اي موقف، بحجة انها لم تستلم دعوة رسمية لحضور مؤتمر جنيف، رغم كل الدلائل التي كانت تشير الى رغبة الكثير من القوى الدولية والعربية لاحتواء المنظمة واجهاض ثوريتها عن طريق زجها في طريق الاستسلام.

          لقد بقيت المنظمة في موقف اللاموقف، ففقدت بذلك حيويتها على الفعل والتأثير الثوري في الدائرة الفلسطينية والعربية والدولية.

  • ثانياً - وعلى ابواب انعقاد الدورة الثانية عشرة للمجلس الوطني، التي عقدت في حزيران [يونيو] الماضي في القاهرة، بدأت قيادة منظمة التحرير تتحدث عن الوحدة الوطنية واهميتها في هذه المرحلة، وأبدت استعدادها للانتقال من موقف اللاموقف الى موقف الرفض (المؤقت) لحضور مؤتمر جنيف، واستعملت يومها " تكتيكاً " خادعاً هدفه ان توحي للقوى الرافضة للتسوية بأنها تعرف حقيقة هذه المؤامرة التصفوية إلا انها تريد ان تفشلها عن طريق التحايل عليها بدلا من مواجهتها. وهنا، شعوراً من الجبهة بمسؤوليتها العميقة في الوقفة الجادة امام اية فرصة للوحدة الوطنية في هذه الظروف الدقيقة، فقد رأت ان تستكشف مثل هذه الفرصة بالملموس وتراقب نتائجها بالممارسة. ومن هنا، كانت موافقتنا على برنامج النقاط العشر، رغم كونها صيغة وسطية مهلهلة للوحدة الوطنية، وبعد ان سجلنا في وقائع جلسات المجلس الوطني فهمنا الخاص لها: اي انها تحمل رفضاً لمؤتمر جنيف، وتضع منظمة التحرير خارج اطار التسوية التصفوية.

          بعد انتهاء الدورة الثانية عشرة للمجلس الوطني، ظهر واضحاً ما كانت تقصده القيادات المستسلمة من موافقتها على برنامج النقاط العشر، لقد اعتبرتها هذه القيادة وكأنها ترخيص شرعي لها لكي تسير في طريق الانحراف والاستسلام. بدأت تفسرها كما تريد، وتصرح بعدها كما تريد، مناقضة ميثاق المنظمة ومقررات مجالسها الوطنية، بما فيها المجلس الوطني في دورتيه الحادية عشرة والثانية عشرة.

          لقد تكشفت الخدعة، وظهر ان التكتيك الذي تتحدث عنه القوى المستسلمة هو تكتيك يستهدف تضليل رفاق الطريق وتضليل الجماهير وليس تضليل الاعداء.

          ولقد بقينا نناضل ضمن اطار منظمة التحرير واللجنة التنفيذية لتثبيت الفهم السليم لميثاق المنظمة وقرارات مجالسها الوطنية، ولكننا بدأنا نكتشف، يوماً بعد يوم، ان قيادة المنظمة ضالعة في عملية التسوية، تريد تمريرها على الجماهير

<2>