إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) تقرير اللجنة التنفيذية إلى لجنة الانتداب في عصبة الأمم
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الإرشاد القومي، ج 1، ص 375 - 377"

العام الماضي. وبالنظر لكثرة التفاليس بين تجار اليهود الناتجة عن المضاربة والمزاحمة غير المعقولة التي ولدتها سياسة الهجرة الخرفاء وقفت معاملة البنوك وتسمم الجو التجاري. وهكذا فإن الحكومة بالنظر لاقتصارها على تطبيق الوجهة اليهودية في "صك الانتداب" ولإهمالها تواصي لجنة الانتدابات الدائمة في أهم الأمور الأساسية التي ترتكز عليها القضية الفلسطينية فقد دفعت البلاد إلى الخراب الاقتصادي وحيث أن اليهود يمكنهم أن يتركوا فلسطين راجعين إلى بلادهم فلا تصيبهم مصائب هم المسئولون عنها فإن العرب المربوطين في بلادهم ولا يمكنهم مفارقتها يضطرون أن يتحملوا مصائب لم تكن لهم يد في إيجادها.

تأسيس الحكم الذاتي:

         أوصت لجنة الانتدابات في جميع تقاريرها إلى الحكومة المنتدبة "أن توسع أنظمة الدوائر الاستقلالية" بمقتضى المادة 2 وأن "تشجع على توسيع الحكم الذاتي" لا بمقتضى المادة 3 في "صك الانتداب" ولكن برغم هذه التواصي فإن البلاد بالعكس هي الآن خالية من أي مؤسسة استقلالية خلاف الدوائر الدينية حتى أصبحت البلاد بعيدة عن الحكم الذاتي بعد أحط المستعمرات البريطانية. إذ يدير فخامة المندوب السامي الحكومة بمجلسه التنفيذي وجميع أعضائه بريطانيون. ويسن القوانين في مجلسه الاستشاري وعموم أعضائه من رؤساء دوائر الحكومة وكلهم بريطانيون. ولم يتمكن الأهالي إلا مؤخرا وبعد إلحاح منهم وتواصى متوالية من لجنة الانتدابات من انتخاب مجالسهم البلدية ولكن بعد أن نزع الكثير من سلطتها وبموجب قانون انتخاب لم يكن لممثلي الأهلين في وضعه يد مما زاد عداء الطوائف فالسكان الذين كانوا يتمتعون إبان الحكم التركي بمجلس بلدية ومجالس إدارية منتخبة في المقاطعات ومجالس عمومية تمثل الولايا ت بقطع النظر عن ممثليهم في البرلمان العثماني يرون هذا عوضا ضئيلا من عصبة الأمم المعروف أنهم تحت حمايتها.

         ثم إنه يفهم من نظام الانتداب أن الدولة المنتدبة تسهل السبل للسكان كي يتبوءوا مناصب الحكم فيتمرنوا على إدارتها تحت اشراف الدولة المنتدبة ولكننا نرى حكومة فلسطين تجرى على خلاف ذلك فإن رؤساء الدوائر ومساعديهم وفي كثير من الحالات رؤساء الكتاب هم بريطانيون لا بل نرى أن وظائف البريطانيين تزداد في وقت تتناقض فيه وظائف السكان بحجة الاقتصاد مع أن الوظائف البريطانية المتزايدة هي التي ترهق الميزانية بثقلها وهي التي يجب الاقتصاد فيها وفوق هذا فقد سنت الحكومة قانونا جديدا لترقي مأموريها حصرت فيه الوظائف العليا بالفعل بالأجانب دون غيرهم.

         وهكذا فإنا نرى الحكومة المنتدبة ذاهبة في إدارة البلاد حسب أهوائها غير مكترثة للأهلين ولأفكارهم العامة. فقد قررت القيام بمشاريع أساسية عامة كإدخال عملة فلسطينية جديدة وعقد قرض فلسطيني بدون استشارة السكان. وأخذت تبحث في المشاريع الحيوية كمشروع استخراج أملاح البحر الميت وفيها أماني فلسطين الاقتصادية وتنظر في منحه للطالبين بدون علمهم. وبالإجمال فإن الحكومة المنتدبة المدينة بوجودها للمادة 22 من عهد عصبة الأمم والمفروض عليها تطبيق المادة الثالثة من "صك الانتداب" مازالت على مدى الزمن تبتعد عنها حتى أصبحت فلسطين تسير وراء انجلترا كما تسير وراءها أحط مستعمرات أفريقيا.

<2>