إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) بيان لجنة الدفاع عن البراق الشريف
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 949 1، وزارة الإرشاد القومي، ج 1، ص 385 - 389"

الشريف "جدار الحرم الغربي" واتصاله فيه. فثار ثائر مسلمي فلسطين لذلك ووقفوا سدا منيعا متكاتفين أمام هذه المحاولة رافضين كل الرفض أن يفرطوا بذرة من تراب مجدهم وما يحيط به من جدران وأوقاف معلنين استعدادهم لبذل نفسهم ونفيسهم في الدفاع عن جدار المسجد الأقصى وموضع البراق إزاء أي طمع.

        وإن قصد اليهود من الاستيلاء على هذه الأوقاف إقامة كنيس مكانها تعلو جدار المسجد وتستند عليه وحينئذ يسهل عليهم النفاذ إلى المسجد الأقصى بوسائل مختلفة.

        ولما رأى اليهود أن المسلمين لن يتساهلوا في هذا الأمر وأنهم لن يتأخروا عن الوقوف أمامهم فيه مهما كلفهم ذلك عادوا يذرون الرماد يسترون ما فضح من غايتهم كما أنهم عادوا إلى الوسائل التي كانوا يتوسلون بها قديما من العمل على إغفال المسلمين لتأسيس بعض حقوق لهم بوضع ما منعوا منه بتاتا من الأدوات في البراق الشريف.

        عادوا إلى ذلك وعاد المسلمون إلى منعهم مزدادين بعد الاحتلال يقظة وحذرا وحرصا متخذين من حقهم المقدس سلاحا مشروعا للدفاع عن أماكنهم الدينية فلم يتساهلوا ولن يتساهلوا بشيء منها وهم يقفون منذ الاحتلال إزاء كل محاولة من اليهود في هذا الشأن موقفا لم يتزحزحوا عنه قيد شعرة وواصلوا الاحتجاجات على هذه المحاولات إلى السلطات المحلية وحكومة لندن وغيرهما.

الحادث الأخير:

        عاجل اليهود المسلمين في أول الاحتلال بطلب استبدال الوقف المذكور كما ذكرنا. وما كادوا يفشلون حتى ظهرت لهم بارقة أمل أخرى في تحقيق غايتهم وذلك أنه بلغهم ما كان عليه المسجد الأقصى حينئذ من خطر السقوط الداهم بسبب ما أصابه من خراب. فمنوا أنفسهم بأنه لا يلبث أمام أية صدمة أو زلزال أن ينهار ويندك ويصبح أثراً بعد عين وحينئذ يسهل تحقيق أمانيهم فيه.

        ولكن سرعان ما خابت آمالهم من هذه الناحية أيضا فإن المجلس الإسلامي الأعلى بفلسطين تمكن والحمد لله بفضل بذل المسلمين ومؤازرتهم الصادقة من دفع الخطر عنه وعمارته عمارة محكمة متينة مما دعا اليهود على أن يعودوا سيرتهم الأولى من أمل استبدال الوقف واستخلاص جدار المسجد الأقصى لأنفسهم بادئين بمعاودة التجارب الماضية مغتنمين الفرصة في عيد غفرانهم من هذه السنة. فحاولوا التصرف بالبراق الشريف تصرف المالك بملكه إذ ملأوه بالمقاعد والكراسي والموائد والخزائن والستائر أو المصابيح وغيرها بحيث أصبح الناظر يحسب جدار المسجد الأقصى مكان براق محمد صلى الله عليه وسلم كنيسا يهوديا بحتا الأمر الذي حمل مسلمي فلسطين ومن بلغه نبأ هذا الاعتداء من مسلمي الأقطار الأخرى أن يستنكروا هذه الحالة ويخشوا عواقبها خصوصا بعد الذي ظهر واضحا من موقف اليهود أثناء طلب المسلمين من الحكومة المحلية أن توقف هؤلاء المعتدين عند حدودهم. فإنهم قاموا بمظاهرات عنيفة في فلسطين وأحدثوا ضجة شديدة في الخارج وانبعثوا يبثون الدعاية لفكرتهم لدى الحكومة البريطانية في فلسطين ولندن وغيرها. وقام زعماؤهم في فلسطين يطلبون أن تحل قضية البراق لصالحهم وطلبوا استملاكه بجميع برقياتهم وكتبت صحفهم بأن جدار المسجد لهم وأن من حقهم التصرف فيه.

<4>