إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


       



ما كتبه هربرت صموئيل في مذكراته عن مصير فلسطين ووضع اليهود بها
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 391 - 396"

ما كتبه هربرت صموئيل في مذكراته
عن مصير فلسطين ووضع اليهود بها

         إني احتفظت بالحوادث التي أدت في النهاية إلى تعييني في فلسطين لأسردها كقصة متتابعة وإني أطلب إلى القارئ أن يرجع بذاكرته إلى أوائل أيام الحرب عندما جعل مصير الأقاليم الجنوبية من الامبراطورية التركية لدى دخولها الحرب حليفة لألمانيا وأوستريا أمرا حيويا فقد كان التذمر يملأ المنطقة الشاسعة من سوريا إلى الخليج الفارسي منذ وقت طويل وكان السكان الأتراك قلة والقسم الأعظم من السكان يرغب في التحرر من الحكم الأجنبي الذي اتصف بسوء الإدارة والخشونة وكل منا كان مطمئنا إلى أن الحرب ستنتهي بهزيمة دول الوسط وحلفائهم ولم يخامرنا إلا القليل من الشك بأنه سيفتح أمام هذه الأقاليم - ومن ضمنها فلسطين - مستقبل آخر.

         وحتى ذلك الوقت لم أكن لأهتم بصورة خاصة في الحركة الصهيونية التي بعثت حية في العالم الجديد واشتد ساعدها بجهود الدكتور تيودور هرتزل المؤلف والصحفي النمساوي قبل ذلك بنحو عشرين سنة. وقد استدر الصهيونيون نوعا من التأييد نالوا معظمه من يهود أوروبا الشرقية. وكانت الصهيونية تعمل على نشر الفكرة وإنجاح البداية العملية لعودة يهودية إلى فلسطين. وقد حاول هرتزل أن يحصل على ترخيص من السلطان من شأنه فتح أبواب فلسطين لهجرة اليهود ومنحهم مركزا خاصا فيها ولكنه فشل في محاولته تلك وبدا أن ليس هناك أى نتيجة عملية متوقعة في وقت قريب لذلك تركت للآخرين متابعة هذا الخيال البعيد عن التحقق حسب الظاهر.

         وفي اللحظة التي دخلت فيها تركيا الحرب تغير الوضع تماما فإن قدر لفلسطين أن تحظى بمصير جديد فإن بريطانيا العظمى هي صاحبة الشأن الأول في ذلك المصير بما لها من مصالح استراتيجية هامة في الشرق الأوسط.

         وإن على حكومتنا أن تولي عنايتها الجدية موضوع من سيخلف الأتراك في السيطرة على فلسطين ذلك البلد الذي يتاخم قنال السويس وبالنسبة لشخصى فقد كان لهذا الموضوع أهمية زائدة وخاصة. فقد كنت الشخص الأول من الشعب اليهودي الذي قدر له أن يحتل مقعدا في الوزارة البريطانية (إذ أن دزرائيلي أخرجه والده وهو طفل من المجتمع اليهودي) وكان يتحتم على أقل تقدير أن أعلم ما هي الحركة الصهيونية وما الذي تعمله، فاتصلت بالدكتور وايزمان الذي أصبح أحد زعماء المنظمة الصهيونية البارزين واستحصلت منه على مطبوعاته وقرأتها بعناية وكلما ازددت قراءة لها، ازداد تأثري بنفوذها الروحي الذي أنعش بجلاء الحركة الصهيونية بما قدم لها من تضحيات وبما تم لها من أعمال على أيدى الطلائع اليهودية التي نجحت بدخول البلاد وتوطيد أقدامها فيها وبفضل إمكانيات البلاد نفسها الزراعية والصناعية. وقد

<1>