إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) ما كتبه هربرت صموئيل في مذكراته عن مصير فلسطين ووضع اليهود بها
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 391 - 396"

تجلت أهمية موضوع مصالح بريطانيا العظمى الاستراتيجية بوضوح لأن فلسطين لو فصلت عن تركيا كما هو المحتمل ووقعت تحت حكم أي من الدول الكبرى في القارة فسيكون ذلك خطرا عليها.

        لقد تحددت آرائي جيدا في الحال الأمر الذي دعاني لمقابلة وزير الخارجية ومحادثته بشأنها وقد جاء في المذكرة المؤرخة 9 نوفمبر سنة 1914 عن هذه المحادثة ما يلى:

        اني تكلمت مع السير ادوارد غراي اليوم حول مستقبل فلسطين وقد ذكرت خلال الحديث أن تركيا قد ألقت بنفسها في الحرب الأوروبية وإن من المحتمل أن تتمزق امبراطوريتها وأن موضوع مستقبل السيطرة على فلسطين قد يثار وأن اختلافات الدول الأوروبية الكبرى قد يجعل من الصعب تخصيص فلسطين لواحدة منها ولعل الفرصة قد سنحت لتنفيذ أماني الشعب اليهودي القديمة وإعادة إنشاء دولة يهودية فيها.

        وقد اقترحت أنه قد يكون من الممكن تأمين تعاون روسيا التي يقيم في بلادها عدد عظيم من السكان اليهود كما أن اجتياح بولونيا الألمانية والنمساوية وغاليسيا سيجلب معه حشودا عظيمة منهم وأن الجيوش الروسية قد لاقت ترحيبا في بولونيا من قبل جميع السكان ماعدا اليهود وستكون روسيا راغبة إن كانت حكيمة في كسب ولاء رعاياها اليهود القدماء والجدد لكني كنت من ناحيتي مرتابا فيما إذا كان الرأي العام فيها يسمح لحكومته بمنحهم حقوقا متساوية فإذا قامت روسيا بدور رئيسي في إعادة إنشاء الدولة اليهودية فإن كسب عواطف اليهود في الأقاليم الروسية سيكون قويا لا يخيب في إيجاد تأثير قوي مباشر في وطنهم هناك وقلت إننى شخصيا لم أكن في يوم ما صهيونيا قط لأن الأمال في تحقيق أي نتيجة عملية بدت بعيدة لدرجة أنني لم أكن راغبا في المساهمة في الحركة. أما الآن فإن الأحوال قد تغيرت بالكلية فإذا ما أقيمت حكومة يهودية في فلسطين فإنها قد تصبح مركزا لثقافة جديدة وأن في العقل اليهودي نوعا من التفوق وفي ظل الرعاية الوطنية قد تصبح الدولة ينبوعا للاستنارة ومصدرا عظيما للأدب والفن وتطور العلوم.

        وإن تأسيس الدولة سيكون له تأثير على ملايين من الشعب اليهودي المشتتين في عديد من بلاد العالم والذين سيظلون على تشتتهم لأن فلسطين أصغر من أن تحتويهم وأن اليهود حادوا الذكاء مملؤون نشاطا ولكنهم غالبا في مستوى منخفض ومرد هذا إلى حد بعيد إلى انهم يستوعبون معظم آمالهم وأمانيهم من الماضي السحيق لا من الحاضر أو المستقبل وهذا لا يكفى للنهوض بالشعب فإن أتيح لهم أن يروا قوما من أبناء جلدتهم يقومون بأعمال عظيمة فسيكون لذلك أثره في نظرتهم العامة إلى الأمور وأن في رفع مستواهم الأدبي ما يضيف إلى الفوائد التي ستجنيها الشعوب التي يعيش اليهود بين ظهرانيها.

        واعتقدت أن النفوذ الإنجليزي يجب عليه أن يقوم بدور هام في تأسيس مثل هذه الدولة لأن وضع فلسطين الجغرافي وقربها من مصر يجعل صداقتها لانجلترا أمراً له أهميته للإمبراطورية البريطانية.

        واقترحت أنه يجب على يهود انجلترا وأمريكا أن يتوليا زعامة هذا المشروع إذا ما أخذ به وأن الألمان لا يستطيعون عمل شيء في هذه الظروف، والفرنسيون ليس

<2>