إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


       



(تابع) ما كتبه هربرت صموئيل في مذكراته عن مصير فلسطين ووضع اليهود بها
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 391 - 396"

وعلى أي حال لم يستدع الأمر اتخاذ أي قرار في الأشهر الأولى من سنة 1915. إن الوضع العسكري في أوروبا وآسيا لم يبرز هذا الموضوع إلى ميدان السياسة العملية.

         لقد مضى عامان على ما ذكرت. والجيش البريطاني يتقدم من مصر في فلسطين وقد آن الأوان لاتخاذ قرار في الموضوع.

         ففي انجلترا تخلت وزارة اسكويث إلى وزارة لويد جورج. وقد أوشك لورد ميلنر أن يقوم بدوره العظيم في سير الأمور وقد بعثت إليه بنسخة عن "مذكرة حول مستقبل فلسطين" وفي رده عليها قال "إنها تحتوي على مقترحات جديدة بالنسبة إلي ومن بين التغيرات التي بحثتها فإن ذاك الذي وافقت عليه أنت بنفسك يظهر لي بالتأكيد إنه أكثرها استهواء".

         واني أذكر أن سير ماركس سايكس العضو المحافظ في البرلمان والعظيم الاهتمام في الشرق الأوسط والذي رأس قسم الاستخبارات في وزارة الحرب التي تبحث هذا القسم من العالم والذي مثل الحكومة في كثير من الأبحاث التي كانت تجري حول فلسطين ليس مع الصهيونيين فحسب بل مع الفرنسيين وكان حاضرا في مؤتمر عقد في شهر فبراير سنة 1917 بينه وبين الزعماء الصهيونيين بحثت فيه النواحي الرئيسية من الموضوع بدقة تامة.

         وبحلول شهر أكتوبر عندما كان جيش اللنبي يقف أمام مدينة القدس كانت الوزارة البريطانية مستعدة للوصول إلى قرار. فبدلا من جعل فلسطين "دولة يهودية" فإن الفكرة كانت تتخذ شكل "وطن قومي يهودي في فلسطين". وقد وضع مشروع النص على ما أعتقد بخط يد لورد ميلنر وأرسل إلى عدد من كبار زعماء الطائفة اليهودية للإعراب عن آرائهم. لقد انقسمت الآراء لأن معظم العائلات اليهودية التي استقرت في انجلترا منذ عهد طويل كانت على العموم إما معادية للصهيونية السياسية أو غير مهتمة بها وإن عمي صمويل مونتاغ قد اتصل به هرتزل عندما زار انجلترا قبل بضع سنوات غير أنه قرر الوقوف بعيدا عن الحركة. وأدوين مونتاغ الذي اشترك في وزارة لويد جورج في شهر يوليو سنة 1917 وكان في ذلك الحين وزيرا للهند كان خصما عنيدا للسياسة بأجمعها ووزع مذكرتين على أعضاء الوزارة في مقاومة هذه السياسة. وإن ثلاثة ممن استشارتهم الحكومة أخيرا كانوا معادين للسياسة وأربعة يوافقون عليها وهم دكتور هرتز رئيس الحاخامين واللورد روتشيلد وأخي ستيوارت الذي كان في حينها رئيسا لمجلس اليهود المفوضين الذين يمثلون الطائفة اليهودية وشخصي وقد أضيف إليهم المتكلمان باسم الصهيونيين دكتور حاييم وايزمان ومستر سوكولوف. إنهم قبلوا الاقتراح "مع السرور العميق والارتياح" ولم يثيروا موضوع الدولة اليهودية.

         لقد أدخلت بعض التعديلات على المشروع وبتاريخ 2 نوفمبر سنة 1917 أرسل الوعد رسميا من قبل بلفور وزير خارجية انجلترا في ذلك الحين إلى لورد روتشيلد بوصفه رئيسا للاتحاد الصهيوني.


<6>