إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) من كتاب "المحاولة والخطأ"
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الإرشاد القومي، ج 1، ص 467 - 477"

ولكنه عصري في أسلوبه وقد احتوى بعض التقارير المتزنة والمعلومات الواقعية عن فلسطين. ومما يدعو إلى الاستغراب أنه نفد بسرعة وكان علينا أن نعيد طبعه ولم يشتر الكتاب اليهود فحسب، فقد كان الاهتمام عظيما في الموضوع ويعزي قسم من نجاح الكتاب إلى التقريظ الذي وضعه اللورد كرومر، وقد نشر في صحيفة "اسبكتاتور" قال اللورد كرومر في جملة ما قال: "سيكون للشعب البريطاني ما يشغله في هذا الموضوع أكثر جدا مما هو ظاهر الآن وإن هذا الحلم المستغرب الذي هو موضوع هذا الكتاب المنبعث عن بضعة من الخياليين لن يستطيع السياسيون محوه بعد مضي فترة ليست بالبعيدة".

         لقد ظهر سوكولوف في لندن في وقت ما خلال سنة 1916 واتخذ له مكتبا في أوتيل قصر ريجنت، وكان نافعا على الخصوص بسبب اتصالاته برجال الدين في العالم، لقد اتصل بعدد من المطارنة الانجليكان ومن بينهم على ما اعتقد كبير أساقفة كنتربري، وسوكولوف محب لهذا النوع من العمل لأنه هو نفسه يحمل طابع رجال الدين من قريب أو بعيد. وأخيرا قام باجراء مفاوضات مع السلطات الافرنسية والإيطالية والفاتيكان، وكان يخشى في بداية الحرب أن تخرج ألمانيا ظافرة ولكنه غير آراءه فيما بعد ولاح له عهد التحرر والأمل المتوقع من انتصار الحلفاء.

        لقد تألفت أول لجنة لنا في يناير سنة 1916 وضمت عدا سوكولوف وشخصي يوسف كون، دكتور غاستر، هربرت بنتويتش، كممثلين لاتحاد الصهيونيين الانكليز وقد عملت اللجنة بالتشاور التام مع روتشيلد وهربرت صمويل واحاد هاعام وكان لسوكولوف شأن كبير في إعداد أول مذكرة قدمناها إلى سير ماركس - سايكس وقد ساعدنا هربرت سايدبوتام الذي يعمل في صحيفة مانشستر غارديان خلال سنة 1916 في تأسيس اللجنة الفلسطينية الانكليزية التي قامت بدور هام في إيجاد رأي عام يعطف علينا، وأخرج سايدبوتام نشرة أسبوعية حوت معلومات إخبارية خطيرة هدفها القراء ذوو الفكر الثاقب، وقد اقتبست الصحافة العامة أحيانا معلومات عن هذه النشرة التي أخذت على عاتقها القيام بدعاية في المدن الكبيرة على أسلوب يقرب مما اتبع في جمعيات الصداقة الهلينية.

        لقد كان سايدبوتام من أبرز المشتغلين في المسائل العامة من الانكليز الذين أدركوا أهمية اتفاق المصالح بين بريطانيا العظمى وفلسطين اليهودية وقد وضع هذا الرأي أمام الشعب البريطاني على الدوام وفي خلال سنة 1918 وبعد صدور وعد بلفور نشر كتابه " انكلترا وفلسطين " وقد فهم بنفس هذه الروح.

        وهكذا فإن العمل تقدم بثبات خلال جميع الفترة من سنة 1914 - 1917 وفي الأقاليم تعاون الصهيونيون بلفت نظر أعضاء البرلمان لقضيتنا. إن الجيل الجديد كان يعمل على مساعدتنا وقد أعد المسرح للنضال الأخير.

        إن الصهيونية كانت تمر بسرعة من طور الدعاية الأولية والبحث النظري إلى الحقائق العملية. لقد توثقت عرى اتصالاتنا وتهيأ الرأي العام للتحول وقطعنا شوطا بعيدا في الدور المبني على التجسس والعطف الفردي المبعثر كما كان الحال في سنة 1914، لقد وضح موقف القوى التي تعمل لنا وتقاومنا، وعرفنا من كان معنا ومن كان ضدنا في العالم اليهودي واكتشفنا في عالم السياسة الانكليزية أرجحية في الرأي

<2>