إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) من كتاب "المحاولة والخطأ"
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الإرشاد القومي، ج 1، ص 467 - 477"

باقتراح كاد يكوم مفزعا. إذا لم يكن بالإمكان الوصول إلى اتفاق بين انكلترا وفرنسا فعلينا أن نجرب إدخال أمريكا وأن نعمل من أجل فرض حماية - أنجلو - أمريكية - على فلسطين. لقد كانت الفكرة جذابة وأن تكن بعيدة المنال، وكما كتبت لمستر سكوت إن الفكرة مشحونة بالخطر الكامن دوما بوجود سيدين، ونحن لا نعرف بعد المدى الذي يوافق فيه الأمريكان على المبادئ العامة للإدارة.

         ومرة أخرى قفز موقف فرنسا إلى مركز الصدارة خلال حديثي مع رئيس الوزراء مستر اسكويث بتاريخ 3 إبريل. فبالرغم من الملاحظات التي نشرت بعد - سنوات عن عداء اسكويث الشخصي لمباديء الصهيونية فإن موقفه الرسمي كان مساعدا، وعلى كل حال فلم يذكر هو ولا بلفور معاهدة سايكس بيكو وقد علمت بوجودها من مستر سكوت، وقد حصل على معلوماته عنها في باريس وكانت تحتوي على ما يأتي:

         تحصل فرنسا بعد الحرب لا على شمال سوريا فحسب بل على فلسطين في الجنوب إلى خط يبدأ من عكا إلى بحيرة طبريا شاملا حوران أما بقية فلسطين فتدول.

         لقد كانت معلومات مفزعة حقا، ويلوح أن الاقتراح كان خاليا من الاتزان والإدراك، لقد كان ظالما بالنسبة لبريطانيا مهلكا لنا وغير مجد للعرب. يمكن لي أن أدرك بيسر أن سايكس لم يكن كارها إلغاء المعاهدة وأن بيكو لم يكن قادرا على الدفاع عنها بقوة ملحوظة.

         وفي الخامس والعشرين من شهر أبريل درست الموضوع بدقة مع لورد روبرت سيسيل مساعد وزير الخارجية وأحد القوى العظيمة في بريطانيا الحديثة والعامل الأول في إيجاد عصبة الأمم، وهو مثل بلفور وميلنر وسمطس وآخيرين شديد الاهتمام بمباديء الصهيونية وأعتقد أنه الوحيد الذي نظر إليها بعين الحقيقة والواقع كجزء لا ينفصل عن الاستقرار العالمي. إن إعادة إنشاء الوطن القومي اليهودي في فلسطين وتنظيم العالم ضمن اتحاد عظيم كل هذا مظاهر تمهيدية للخطوة التالية في تنسيق شئون البشر.

         ولم نتكلم عن معاهدة سايكس - بيكو بصراحة بل أشرت فقط إلى ترتيبات يظن بوجودها وترجع في تاريخها إلى الأيام الأولى من الحرب حيث قسمت فلسطين بمقتضى بنودها تقسيما تعسفيا إلى نصفين أطلقت عليه "تقسيم سليمان الحكيم" تمحي بموجبه جهود اليهود الاستعمارية مدى ثلاثين عاما، وامعانا في الإساءة إليهم فإن القسم الجنوبي من فلسطين (جوديا) لن يحظى بحكم إدارة واحدة بل سيدول وهذا يعني الحكم الانكليزي - الافرنسي المشترك - كما كتبت من عهد قريب إلى فيليب، لقد قلت للورد سيسيل أن الذي نريده هو الحماية البريطانية، واليهود في العالم كله يثقون ببريطانيا ويعلمون أن القانون والنظام سيسودان في ظل الحكم البريطاني، وفي ظله أيضا لن يتدخل أحد في نشاط اليهود الاستعماري وتقدمهم الثقافي، ونستطيع بذلك أن نمد بصرنا إلى الأمام عندما يحين الوقت الذي نصبح فيه من القوة بحيث نطالب بنوع من الاستقلال الذاتي.

         وقد وجه لي في حينه اللورد سيسيل سؤالا عن أوجه اعتراضنا على الحكم الافرنسي الخالص فاجبته إننا نفضل بالطبع حكما أفرنسيا خالصا على حكم مزدوج أو تدويل، غير أن الافرنسيين خلال أعمالهم الاستعمارية لم يتبعوا الأساليب الانكليزية،

<6>