إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) الكتاب الأبيض لسنة 1930
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الإرشاد القومي، ج 1، ص 423 - 439"

         وستبذل حكومة جلالته جهودها ليس عن طريق هذا البيان الحالي فحسب بل بما يليه من الأعمال الإدارية لإقناع العرب واليهود بتصميمها علي ترقية مصالح الشعبين الأساسية بكل ما أوتيت من قوة على العمل بكل ثبات حتى تتوصل إلى تكوين شعب ميسور الحال في فلسطين يعيش في أمان واطمئنان تحت لواء إدارة غير متحيزة راقية ومع ذلك فمن الضروري في هذا الصدد إيضاح نقطة واحدة هى من الأهمية بمكان كبير ذلك أنه في الظروف الخاصة المحيقة بفلسطين لا يمكن لأية سياسة مهما كانت نيرة جلية أومهما بذل من جهد في سبيل لتنفيذها أن يقيد لها النجاح ما لم تنل التأييد من جميع الطوائف التي وضعت لمنفعتها وخيرها ليس بقبولها فحسب بل بتعاونها عن طيب خاطر.

         ليس من حاجة في هذا المقام للبت في الحوادث المشئومة التي وقعت في العام الماضي وفي الأحوال المؤسفة التي نشأت عنها. غير أن حكومة جلالته ترى نفسها مضطرة لأن تلاحظ أنها لم تنل من الجانبين سوى مساعدة طفيفة في سبيل إزالة التنابذ الذي ساد بينهما في أثناء الأشهر التي توترت فيها العلاقات وزاد فيها القلق بعد اضطرابات آب سنة 1929 وبأن هنالك عقبة أخرى خطره أضيفت إلى الصعوبات التي نشأت عن الريب والخصومة المتبادلة بين الشعبين ألا وهي خطة عدم الثقة بحكومة جلالته التي غذتها حملة صحافية ساعدت على طمس حقائق الحالة وتشويهها. ولا حاجة إلى التأكد بأن توطيد السلام والرفاهية في البلاد في المستقبل اللتين يتوق إليهما كلا الشعبين يتوقف على تحسين العلاقات بين العرب واليهود.

         تلك هي الغاية التي ما فتئت تصبو إليها حكومة جلالته وهي تشعر أن في الإمكان الوصول إليها إن تعاون كلا الفريقين عن طيب خاطر مع الحكومة ومع إدارة فلسطين وتأكد من أن حكومة جلالته يمكن الاعتماد عليها عند قيامها بالالتزامات المرتبة عليها في صك الانتداب بل في جميع صلاتها بفلسطين بالمحافظة على مصالح كلا الشعبين والعمل على ترقيتها.

         3 - ويلوح أن كثيرا من سوء الفهم الذي أخذ يساور لسوء الحظ كلا الفريقين نشأ عن العجز عن فهم الواجب الملقى على عاتق حكومة جلالته بموجب أحكام صك الانتداب ولذلك فإن النقطة الثانية التى تشعر حكومة جلالته بوجود تأكيدها بأقوى حجة مستطاعة هي أن هنالك على حد البيان الذي أدلى بة رئيس الوزارة في مجلس العموم البريطاني في اليوم الثالث من شهر نيسان سنة 1930: -

         "تصريح يتضمن تعهدا ذا شقين الشق الواحد منهما للشعب اليهودى والشق الآخر للأهالي غير اليهود في فلسطين، ويظهر أن كثيرا من القلق الذي ساور النفوس في السنة الماضية نشأ عن عدم التأكد من أهمية هذه الحقيقة الأساسية للتأكد. وقد وجه كلا العرب واليهود إلى الحكومة سيلا من المطالب والملامة المستند على الظن الفاسد بأن من واجب حكومة جلالته أن تنفذ خططا سياسية يحظر عليها في الواقع تنفيذها بموجب أحكام صك الانتداب الجلية".

         وقد أعلن رئيس الوزراء في البيان المشار إليه أعلاه بعبارة غاية في الوضوح والجلاء بأن حكومة جلالته قد استقر قرارها على الاستمرار في إدارة فلسطين وفقا لأحكام صك الانتداب كما أقره مجلس جمعية الأمم إذ أن ذلك الصك على حد قول المستر رمي مكدونالد "تعهد دولي لا يمكن العدول عنه" ويلوح أنه رغما عن هذا البيان الصريح خامر البعض آمال أنه في الاستطاعة بطريقة من الطرق اجتناب

<2>