إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) تقرير اللجنة الدولية المقدم إلى عصبة الأمم عن حائط المبكي
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الإرشاد القومي، ج 1، ص 479 - 530"

         سبحان الذي أسري بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله.

         ومما يجب ملاحظته في هذا المقام أنه لما أسري بالنبي محمد إلى القدس أصبح موقع الهيكل القديم ، الذي كان موضع احترام وتقديس المسلمين، يعرف بالمسجد الأقصى لتمييزه عن المسجد المكي والمسجد الحرام. لأن مكة المكرمة كانت في ذلك الزمن مناوئة للنبي محمد. وبناء على ذلك أصبحت القدس وعلى الأخص ساحة الهيكل، مدة من الزمن القبلة الأولى للمسلمين، أي أن المسلمين في ذلك الزمن كانوا يولون وجوههم شطر القدس عند الصلاة، وذلك قبل أن يتوجهوا إلى قبلة بيت الله الحرام في مكة.

         إن هذه الأمور توضح صريحا القدسية الخاصة التي للحرم الشريف والمباني التابعة له في نظر المسلمين في جميع أقطار العالم. أما تقديس الحائط والرصيف فآت من أنه محل البراق، نزل فيه النبي ومر به ثم ربط براقه في الحائط نفسه ليلة الإسراء. وبناء على تقديس المسلمين لهذا المحل وقف أصحاب الأملاك المجاورة أملاكهم فأنشئت فيها "زوايا" وبيوت لحجاج المغاربة.

(هـ) الوقف وحكمه الشرعي:

         الوقف هو حبس العين عن تمليكها لأحد والتصدق بريعها على جهة أو أكثر من جهات البر. فإذا وقف شخص ريع ملك خرجت ملكيته من يده أيضا والنوع الأول من الوقف، وهو المباني أو الأراضي الموقوفة للتصدق بريعها على المساجد أو المستشفيات أو سائر طرق الخير، يقسم إلى ثلاث مراتب: أعلاها مرتبة المساجد والمعابد الموقوفة لتأدية الصلاة. وثانيها الزوايا ومدارس العلم التي وقفت للذكر وتعليم القرآن الشريف وتلقي الشريعة. وثالثها الأماكن التي وقفت لتكون مستشفيات للأمراض ورباطا للمنقطعين ونحو ذلك من وجوه الخير. أما النوع الثاني فهو ما وقف، لا لأجل الانتفاع بعينه، بل بثمرته وريعه بدون انقطاع على مسجد أو مستشفى أو رباط وغير ذلك من وجوه الخير. وعلى هذا يمكن وقف المبانى والدكاكين والأراضي الزراعية. ومتى وقفت هذه الأشياء يخصص ريعها لجهة من جهات النوع الأول من الوقف.

         وفضلا عن ذلك فلا تجيز الشريعة الإسلامية بيع الوقف ولا تحويله خلافا لشرط الواقف.

         وعلى ذلك فالبراق، لكونه جزءا من الحرم الشريف، يعتبر وقفا من المرتبة الأولى من النوع الأول. كما أن الرصيف عند الحائط ومحلة المغاربة وقف من المرتبة الثالثة من النوع الأول لأن أصحابها وقفوها لاستعمال زوار المسلمين وحجاجهم. والشريعة الإسلامية تحظر على اليهود أن يدعوا بأية حقوق كانت في هذه الأماكن.

         إن الوقف لا يسقط بتقادم الزمن إلا إذا كان الغاصب قد اغتصب الوقف مدة ثلاث وثلاثين سنة على الأقل بلا ممانعة ولا انقطاع. والواقع أن المسلمين تسامحوا مع اليهود، مع مرور الزمن، فأذنوا لهم بالذهاب إلى الحائط للبكاء بنفس الشروط التي أذنوا بها لغيرهم من سكان القدس والأجانب بزيارة الحائط لا يعطيهم أي حق كان سواء في ملكيته أو في الانتفاع بهذا الامتياز في المستقبل.

<19>