إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) تقرير اللجنة الدولية المقدم إلى عصبة الأمم عن حائط المبكي
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الإرشاد القومي، ج 1، ص 479 - 530"

وبعد تفكك عرا الامبراطورية الرومانية خضعت فلسطين لقياصرة البيزنطيين الذين حكموا البلاد منذ سنة 400 بعد الميلاد تقريبا.

        وحوالي سنة 637 بعد الميلاد دخل العرب الفاتحون فلسطين واستولوا على القدس فجعل الخليفة عمر بن الخطاب مدينة القدس عاصمة مملكة فلسطين العربية، وأخذ العرب يقيمون المباني الإسلامية المقدسة على جبل موريا المهجور الذي كان لا يزال مطلا على المدينة، وفي القرن السابع بنى في القسم الجنوبي الغربي من ساحة الهيكل المسجد الأقصى، وهو مسجد ذو قدسية خاصة للمسلمين لكونه ثالث الحرمين بعد الحرم المكي والحرم المدني (نسبة إلى مكة والمدينة) ولذلك ينظر إليه المسلمون بعين الاحترام والتقديس ويحجون إليه من جميع الأقطار الإسلامية. وقد أقيم في وسط جبل موريا مسجد قبة الصخرة. وبذلك أصبحت ساحة الهيكل أو الحرم الشريف كما أسماه العرب مكانا ذا قدسية عظيمة للمسلمين في جميع أنحاء العالم. ومما تجدر ملاحظته بوجه خاص أن هذا العهد يرجع مبدأه إلى ما قبل ثلاثة عشر قرنا، إذا استثنينا الفترة التي احتل فيها الصليبيون البلاد.

        وهناك عدد من المؤرخين اليهود في القرنين العاشر والحادي عشر نذكر منهم بن ماير والرابي صموئيل بن بالطيل وصولومون بن يهودا وغيرهم ممن كتبوا عن ذهاب اليهود إلى حائط المبكى لإقامة الشعائر الدينية عنده حتى لما كانت مقاليد البلاد في يد العرب.

        وقد ورد في كتاب وضعه أحد الزوار المسيحيين في القرن الحادي عشر الذي تحاشي ذكر اسمه ما يفيد استمرار مجيء اليهود إلى القدس كل سنة.

        وقد تخلل الحكم العربي وصول الصليبيين واحتلالهم القدس سنة 1099 للميلاد، فعاملوا اليهود في باديء الأمر بكل قساوة وشدة إلا أنهم أصبحوا أكثر تسامحا معهم فيما بعد. ويقول بنجامين توديلا - (سنة 1167) إن حائط المبكى أصبح في الدور الأخير من عهد الصليبيين مكانا تقام فيه الصلاة الدائمة. ثم عاد العرب فاستولوا على البلاد في أواخر القرن الثاني عشر ودعا صلاح الدين الملك العربي العظيم، اليهود إلى العودة إلى فلسطين.

        وفي القرنين التاليين لذلك العهد لم يرد لفلسطين ذكر في التاريخ تقريبا. ومما يجب ذكره في هذا الصدد أنه في سنة 1193 للميلاد وقف الملك الأفضل بن صلاح الدين مساحة من الأرض تجاه الحائط وقفها لجهات الخير والبر حسب الشرع الإسلامي. وسنبحث في حكم الوقف في فصل تال من هذا التقرير. وفي سنة 1320 وقف أبو مدين الغوث البيوت المعروفة باسم محلة المغاربة (راجع ما تقدم) على حجاج المغاربة ومازالت هذه المحلة تعرف باسمهم لغاية الآن.

        وفي سنة 1517 افتتح البلاد الأتراك واستولوا عليها وقد دام الحكم التركي لغاية الحرب العظمى، إذا استثنينا تسع سنوات، اعتبارا من سنة 1831، احتل فيها المصريون البلاد. أما فيما يتعلق بحائط المبكى وكيفية اعتباره في أثناء العهد التركي فهنالك آراء شتى في هذا الصدد تفوق مانستطيع سرده في هذا التقرير - وردت في مؤلفات مختلف السياح الذين ساحوا الأرض المقدسة وعلى الأخص في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وهي تدل على أن اليهود استمروا على المجيء إلى

<9>