إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


       



(تابع) رد حزب الاستقلال العربي على بيان المندوب السامي أمام لجنة الانتداب
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الإرشاد القومي، ج 1، ص 553 - 562"

فيستمرون على بيع أراضيهم من اليهود في حين أن هذه الأراضي يزرعها العرب أما البائعون أنفسهم وإما العرب الذين لا أراض لهم. ولن يستطيع العرب أن يحموا أنفسهم كأمة ضد هذه البيوعات الفردية أو أن يدبروا الأموال لمشتري الأراضي التي يعرضها أصحابها للبيع فهم في حاجة ماسة لحماية قانونية وإذا كانت القوانين توضع للحاجة ولحماية طبقات الناس وحقوقهم وأمنهم فإن وضع تشريع لمنع انتقال أراضي العرب لليهود هو أشد ما تتطلبه الحاجة إلى حماية الشعب العربي برمته من الاكتساح والتهديم هذا الشعب الذي لا يستطيع أن يحمي نفسه أمام قوى اليهود المالية الهائلة وفي ظروف وصل فيها صاحب الأرض العربي إلى أدنى دركات الفقر والبؤس والباهظ من الديون والضرائب. وما لم يوضع هذا التشريع تبقى مشكلة الأراضي في تعقيدها وخطرها ويبقى اليهود ممعنين في اكتساح أراضي العرب وتحطيم بنيانهم. وليس في هذا إلا العار والظلم يسجلهما التاريخ على السلطات الإنجليزية في سبيل إرضاء المطامع اليهودية وإشباع شهواتها.

مسألة الهجرة اليهودية الخطيرة:

        8 - قد أشار المندوب السامي في بيانه إلى عدد المهاجرين الذين سمح بدخولهم. في الستة الأشهر الأخيرة وهو 3000 رجل و1500 امرأة وقال إنه سمح بهذا العدد بناء على الحالة الاقتصادية المرضية في البلاد. ولا يسع الحزب إلا أن يقابل هذا القول بالدهشة الشديدة. إذا أنه يرى تناقضا عجيبا. فبينما يشكو المندوب السامي في مكان آخر من خطابه من الأزمة المالية وفقر الأهالي وبؤسهم يقول هنا إن الحالة الاقتصادية مرضية. فإذا كان يعنى بهذه الحالة الاقتصادية المرضية حالة اليهود. العالمية فإن هذه الحالة لا يصح أن تكون مقياسا قط. لسنا ندري ما هي الأساليب التي سارت عليها السلطات على حذر في السماح للمهاجرين الجدد وأن تتأكد في أول الأمر عدم وجود عمال عاطلين من العرب واليهود على السواء. ونظرة واحدة إلى القرى والمدن العربية تكفي لمعرفة العدد الكبير العاطل من العرب الذين يتضورون جوعا والذين لا يجدون عملا يقتاتون منه. ثم نظرة ثانية إلى ما يقع من حين لآخر من مزاحمات ومشاجرات بين عمال اليهود وعمال العرب على العمل ومن مطالبة نقابات عمال اليهود من السلطات الإنجليزية تهيئة عمل لعمالها العاطلين تكفي للمعرفة أن في البلاد عمالا كثيرين عاطلين عن العمل عربا ويهودا فسماح المندوب السامي والحالة هذه بمثل هذا العدد العظيم في مدى ستة أشهر لا يمكن أن يفسر إلا بأن الدوائر التي تقدر ظروف العمل والحاجة إلى عمال يهود لا تجري في أعمالها على ما تتحمله حالة البلاد الاقتصادية وإنما تجري على رغبة الدوائر اليهودية التي ترغب دائما وبإلحاح عنيف في فتح باب البلاد على مصراعيه لمهاجرة ضخمة تغرق البلاد بقطع النظر عما تؤدي إليه من أضرار ومزاحمات اقتصادية وويلات أيضا. ومن حق العرب الذين يعتبرون مسألة الهجرة كمسألة الأراضي من الأخطار التي تهدد كيانهم القومي والاقتصادي أن يعتقدوا بحق أن السلطات الإنجليزية القائمة في البلاد هي راضخة في مسألة الهجرة لشهوات اليهود ورغباتهم وأنها لا تعبأ ولا تهتم لحماية كيان العرب ومصالحهم.


<10>