إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) رد حزب الاستقلال العربي على بيان المندوب السامي أمام لجنة الانتداب
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الإرشاد القومي، ج 1، ص 553 - 562"

مهمة الأمن العام في فلسطين:

3 - ذكر فيما يختص بالمهمة الأولى أن السلطات في فلسطين تنفق ثلث الميزانية على قوة البوليس والدفاع وأن أعمال الحكومة ونشاطها معرقلة شر عرقلة بسبب ذلك وأنه يؤسفه جد الأسف أن لا يستطيع توصية إنقاص قوة الدفاع والبوليس لا هذه السنة ولا في المستقبل القريب.

ثلث الميزانية أي ينفق على الأمن الداخلي وهل لهذا مبرر شرعي

        ويستولى على المرء دهشة حينما يرى أن ثلث الميزانية يبلغ نحو ثمانماية ألف جنيه وأن هذا المبلغ جميعه ينفق على تأمين الأمن العام في بلاد سكانها نحو مليون نفس ومساحتها نحو تسعة آلاف ميل مربع ويزداد المرء دهشة حينما يذكر أن فلسطين ليست مهددة بعدوان خارجي كما يقول المندوب نفسه ويظهر له جليا أن هذه النفقات الباهظة إنما تنفق على تأمين الأمن الداخلي فيها. وإذا ذكرنا ضيق مساحة فلسطين وقلة سكانها وما كانوا عليه من هدوء وسكينة في عهد الحكم العثماني بما لا يشبههم فيه أي قطر آخر وما كان فيها من قوة قليلة لتأمين الأمن العام الداخلي ثبت لنا ثبوتا قاطعا أن عوامل القلق والاضطراب التي تساور السلطات البريطانية في هذه البلاد من اختلال الأمن العام فيها راجعة بالدرجة الأولى إلى طبيعة السياسة الممقوتة التي تسير عليها والتي تحتوي على كل عوامل الاستفزاز والدفاع عن النفس والكيان وهي سياسة حكم البلاد حكما استعماريا مباشرا من قبل أناس لا يفهمون روحها ولا يشعرون بحاجاتها وعواطفها أولا ومحاولة إقامة بنيان قومي غريب فيها على أنقاض أهلها العرب ثانيا. في حين أن العرب كانوا ولا يزالون يرون أن لهم كل الحق في الاستقلال والحكم الوطني استنادا إلى حقهم الطبيعي والدماء التي أراقوها في الثورة العربية الاستقلالية.

موقف العرب واليهود أمام بعضهما:

        ولقد كان من نتائج هذه السياسة الممقوتة أن أصبح في فلسطين شعبان لهما آمال متناقضة ورغبات متباينة وجهود متعاكسة. أحدهما وهو الشعب العربي صاحب البلاد الشرعي الذي يرى نفسه أمام مؤامرة فظيعة ترمي إلى اكتساح أراضيه وامتلاء بلاده بشذاذ الآفاق ومتشردي اليهود ومزاحمتهم له في معاشه وكيانه وإلى حرمانه من حياته القومية الاستقلالية وثانيهما الشعب اليهودي الذي تثير عواطفه الخيالات القومية وتمد حركته الأموال والدعايات والتنظيمات المستندة إلى المطامع الانجليزية الاستعمارية وقوتهم الحربية وتجعله يرى لنفسه الحق في أن يمتلك فلسطين وأن يسود فيها وأن يدحر شعبها العربي عنها.

        فالسلطات البريطانية والحالة هذه تنفق هذا المبلغ العظيم على تأمين الأمن في بلاد تقف في مثل هذا الموقف الدقيق الحرج. ومعنى ذلك أنها تنفقه على تنفيذ هذه السياسة الشاذة الممقوتة التي لا مثيل لها في تاريخ البشر.

أموال العرب تنفق على مشروع اليهود:

        وبما أن أكثرية السكان الساحقة هي عرب فإن القسم الأكبر من هذا المبلغ العظيم يخرج من جيوب العرب. ومثل ذلك مثل من يحكم على امرئ بالموت

<2>