إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) رد حزب الاستقلال العربي على بيان المندوب السامي أمام لجنة الانتداب
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الإرشاد القومي، ج 1، ص 553 - 562"

ظلما وغدرا ثم تصادر أمواله بالقوة لينفقها على قتله ودفنه وفي هذا من موجبات الاشمئزاز ومغايرات كل عاطفة إنسانية ما يجعل كل إنسان مهما كانت جنسيته ومركزه أن يستنكر هذه السياسة الفظيعة.

       وقد كان على الإنجليز أن يشعروا بذلك وهم يتبجحون بالمدنية والعدل. إذ ليس من ريب في أن إنفاق ثلث ميزانية البلاد على الأمن الداخلي يعد أعجب حادث في سياسة الدول وميزانياتها ويسجل على السلطات البريطانية بمزيد الدهشة والاستنكار ويكفي وحده ليعرف العالم ما هي المصائب الفادحة والغرائب المفجعة التي يقاسيها أهل هذا الجزء من البلاد العربية من السلطات البريطانية الاستعمارية.

القصد من تأمين الأمن هو تأمين مشروع اليهود فقط

       وإذا أضفت إلى هذا ما ذكره المندوب السامي في مكان آخر من خطابه من أن 119 حادثة قتل وقعت في فلسطين خلال سنة واحدة ظهرت لك قيمة هذا الأمن العام الذي تنفق عليه هذه النفقات وظهر لك إن كل ما يهم السلطات منه هو دعم اليهود وتنفيذ مشروعهم بالقوة.

اعتراف صريح بإفلاس السلطات في المشاريع الحيوية للبلاد

       أما ما ذكره من الأسف لأن إنفاق هذا المبلغ العظيم يعرقل أعمال الحكومة الأخرى شر عرقلة فهو بمثابة اعتراف صريح بإفلاس السلطات القائمة في البلاد في مشاريع العمران والتعليم وترقية مصالح السكان الأخرى وبإفلاس سياسة الانتداب التي أريد بها مساعدة السكان وترقية مشاريع البلاد العمرانية والعلمية والاجتماعية والاقتصادية وهو ما يسجل على هذه السياسة والقائمين بها العار والفشل.

المندوب السامي بين أقواله وبين عهده:

       ولقد أشار المندوب السامي إلى هذه المهمة في الخطاب الرسمي الذي ألقاه في دار الحكومة يوم وصوله لفلسطين في السنة الفائتة إذ أنه ذكر حينئذ أن هذه المهمة ستكون مهمته الأولى في هذه البلاد. وقد خشي العرب أن يكون فخامته قد فكر أن يقوم بهذه المهمة على المنوال الذي قام به السير هربرت صموئيل واللورد بلومر والسير تشانسلور في هذه البلاد فراجعوه في الأمر وحذروه من أن يكون اعتماده سبيل هذه الغاية على قوة الجند والبوليس فقط. وقد أفهموه بصراحة أن هذه القوة مهما كانت كبيرة لا تقدر وحدها على منع تكرر الاضطرابات الأليمة السابقة وأنه عليه إذا كان حقا يعتبر أن مهمته الأولى في هذه البلاد المقدسة هي تأمين الأمن أن يقوم قبل كل شيء بأعمال من شأنها أن تزيل ما يساور الناس هنا من خوف وقلق على مستقبل هذا الجزء من البلاد العربية من جراء السياسة الاستعمارية الإنجليزية والصهيونية ويأسف حزب الاستقلال أن يصرح هنا أن فخامته الذي مضى على حكمه في فلسطين اثنا عشر شهرا ونيف لم يقم بأي عمل كان في مصلحة العرب، وأن سياسته في هذه البلاد لم تختلف في شيء عن سياسة أسلافه فيها اللهم إلا أن ظاهر الحال يدل على أن السياسة الصهيونية قد نشطت في زمانه أكثر من كل وقت آخر فيما يتعلق بالهجرة اليهودية وشراء الأراضي القليلة الباقية للعرب.

<3>