إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) رد حزب الاستقلال العربي على بيان المندوب السامي أمام لجنة الانتداب
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الإرشاد القومي، ج 1، ص 553 - 562"

خبراء الإنجليز الرسميون أثبتت أن الأرض التي بقيت في يد العرب تنقص عن حاجتهم كمجموع نقصا كبيرا. وأن ستة وثمانين ألف عائلة عربية هي اليوم بدون أرض وأن ما بقي من الأرض في يد العرب لا يؤمن لهم معيشة الكفاف وأن الفلاح من جراء ذلك هو في ضنك وبؤس شديدين. وهذه الحاجة هي بقطع النظر عن الازدياد التناسلي المستمر في العرب. ومعنى ذلك أن هذا النقص في كفاية الأراضي وهذا العدد من العرب الذين هم بدون أرض سيزداد سنة بعد سنة وإذا لاحظنا أن الزيادة التي ظهرت خلال السنوات العشرة الأخيرة التي مرت بين الإحصاءين الرسميين قد بلغت نحو 20 في الماية ظهر لنا هذا ظهورا واضحا وحق لنا أن نتساءل عما تكون وضعية العرب عليه إزاء مشكلة الأراضي بعد عشر سنين ثم بعد عشرين ثم بعد ثلاثين سنة.

       وليس من ريب أن الجواب على هذا السؤال سيتضمن خطرا شديدا ومستقبلا قريبا مظلما للعرب في هذه البلاد. ومن هنا يثبت بصورة قاطعة أن حاجة العرب لا يمكن تحديدها قط وأن أية محاولة في ذلك إنما هي محاولة نظرية للوهم فيها الأثر الأكبر. وإذا اعتبرنا أن اليهود ليسوا أصحاب حاجة وأنهم يملكون اليوم نيفا وأربعين ألف دونم زيادة عن حاجاتهم ظهر لنا مقدار الظلم والتناقض في معنى تحديد حاجة العرب لتيسير أراض جديدة لليهود.

       وإذا سلمنا جدلا أن السلطات أمام حاجتين: حاجة العرب الذين هم في البلاد وحاجة اليهود الذين خارجها فإن البداهة تملي على هذه السلطات أن حاجة الذين هم في البلاد هي التي يجب عليها أن تضمنها وأنه إذا تعارضت الحاجتان فإن الذي يجب إسقاطه منهما هي حاجة الذين هم في الخارج حتما.

       أضف إلى هذا أن المشروع الإنشائي المزعوم الذي يتوقف تطبيقه على ملايين الجنيهات سيحمل البلاد أعباء مالية عظيمة وبما أن الأكثرية الساحقة في البلاد هي من العرب فإن النصيب الأكبر من هذه الأعباء سيقع عليهم في حين أن فوائد هذا المشروع سيجنيها اليهود في الدرجة الأولى وسيخسر العرب من جرائها أراضيهم.

       هذا هو سر نظر العرب إلى هذا المشروع بنظر الأحجام وهذه هي بعض الأسباب التي من أجلها نفض العرب أيديهم منه ورفضوه رفضا باتا.

       إن مشكلة الأراضي في فلسطين هي من أشد مشاكلها تعقيدا والعرب كأمة ينظرون إليها كأشأم مشاكلهم حالا ومستقبلا لأنها تحمل بين طياتها عوامل الاندحار والانهدام للكيان العربي بصورة عملية. وهم يرون أن سكوت السلطات البريطانية عن معالجة هذه المشكلة معالجة حاسمة حتى الآن لا يتفق وتعهد الحكومة البريطانية بالمحافظة على كيان العرب ووضعيتهم في البلاد الأمر الذي أخذ يستولي من جرائه ذعر وهلع شديدان على العرب.

وجوب وضع تشريع لمنع بيع الأراضي من العرب إلى اليهود:

       والعلاج الحاسم لهذه المشكلة الخطيرة لن يكون إلا بوضع تشريع سريع يمنع انتقال الأراضي من العرب إلى اليهود منعا باتا. وبهذه الصورة يضمن للعرب عدم انهدامهم كأمة. لأن الضائقة المالية وإغراء المال اليهودي يؤثران بطبيعتهما في الأفراد

<9>