إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) النص الكامل للبيان الذي ألقاه وزير المستعمرات في مجلس العموم في 24 نوفمبر 1938
"ملف وثائق فلسطين عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 669 - 675"

الشديد في أوربا اننا لم نقطع على أنفسنا عهدا يجعل تلك البلاد موطنا لكل شخص يود أن ينجو من تلك الكارثة العظمى ولو أن فلسطين كانت خالية من شعب آخر بالمرة لما كان في استطاعة تربتها الفقيرة ان تعيل أكثر من جزء صغير من مجموع اليهود الذين يودون الفرار من أوربا. ان مسألة اللاجئين في أوربا الوسطى لا يمكن. تسويتها على حساب فلسطين بل يجب أن تحل في ميدان أوسع كثيرا من ذلك الميدان. وفي استطاعة فلسطين أن تساهم بالطبع في هذا المضمار وهى تقوم بنصيبها الآن فالمهاجرون اليهود يفدون اليها في هذه الأيام اسبوعا بعد اسبوع بمعدل الف مهاجر في الشهر على الرغم من الاضطرابات القائمة فيها. غير ان الوكالة اليهودية يهمها بطبيعة الحال نظرا للحوادث الاخيرة ان تزداد الهجرة الى فلسطين ازديادا عظيما. وقد قابلت يوم اثنين مندوبين عن الوكالة المذكورة باحثا في هذا الأمر فطلبت اليهما ان يقدما الى مقترحاتهما الكاملة مزودة بالتفاصيل الدقيقة. وفي صباح هذا اليوم استلمت تلك المقترحات وستكون بالطبع موضع اهتمامى الدقيق كما اننى سأستنير برأى المندوب السامى بشأنها. غير اننى أرى لزاما على ان اقول هذه الكلمة المخلصة على كل حال ان الحكومة كثيرا ما اتهمت بأنها لا تسير على نور خطة سياسية معينة في فلسطين أو بأنها تضع سياسة لها ثم لا تلبث أن تحيد عنها وتغيرها.

        لقد أعلنت الحكومة منذ مدة قليلة المرحلة التالية التى قر رأيها على اتباعها في سياستها وهذه السياسة تقوم على اجراء محادثات مع العرب واليهود في لندن ونحن عازمون على السير! في عقد هذا المؤتمر. ولا يسعنا الآن ان نفعل شيئا من شأنه ان يضير الآمال المعقودة على انتهاء تلك المحادثات بالنجاح والتوفيق فمن خير اليهود أنفسهم أن تكون السياسة المقبلة في فلسطين مبنية ما أمكن على اتفاق واسع المدى.

        أما الشعب الآخر الذى يشمله هذا النزاع المرير في فلسطين فهو الشعب العربى. لقد عاش العرب في تلك البلاد منذ قرون عديدة ولم يؤخذ رأيهم عندما صدر وعد بلفور ولا عندما وضعت صيغة صك الانتداب. وقد كانوا خلال السنوات العشرين التى تلت الحرب الكبرى يرقبون هذا الاحتجاج السلمى الذى يقوم به شعب غريب ويرفعون عقيرتهم بالاحتجاج الصاخب بين الآن والآخر فقد شاهدوا تسرب أراضيهم من ايديهم وانتشار المستعمرات اليهودية انتشارا مطرد الازدياد، في صميم البلاد. واضطروا الى الاعتراف بتفوق ذلك الشعب عليهم في النشاط والمهارة والثروة. فاخذت تساورهم المخاوف. ففى سنة 1933 دخل فلسطين 30.000 يهودى وفي سنة 1934 دخلها 42.000 يهودى ثم بلغ عدد من دخلها منهم سنة 1935: 61 ألف شخص فتساءل العرب في عجب متى تقف هذه الهجرة الواسعة النطاق وهل ستقف يوما ما عند حد أم تبقى مستمرة بلا نهاية؟ حتى أصبحوا يخشون أن يئول مصيرهم في بلاد آبائهم وأجدادهم الى الخضوع لسيطرة هذا الشعب الجدبد النشيط من النواحى الاقتصادية والسياسية والتجارية.

        فلو كنت انا عربيا لتولانى الذعر أيضا. واذا كان لنا أن نصل يوما الى ادراك كنه هذه المشكلة وقدر لنا أن نقوم بنصيبنا في ايجاد حل موفق لها وجب علينا أن نضع أنفسنا لا في موضع اليهود فحسب بل موضع العرب أيضا.

        اننى أعلم أن عددا كبيرا من الناس يعتبرون هذا الثوران العربى مجرد احتجاج تقوم به جماعة من العصابات وانه لصحيح ان في عداد أولئك العرب الذين

<3>