إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) النص الكامل للبيان الذي ألقاه وزير المستعمرات في مجلس العموم في 24 نوفمبر 1938
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج1، ص 669 - 675"

اشتركوا في الاضطراب برغبة طائفة ممن لا يحجم عن ارتكاب أسوأ الجرائم فالمذبحة التى مات فيها الابرياء في طبريا وما قاموا به في عدد من الميادين التعسة الأخرى قد لوثت قضيتهم. ومن الحق ان يقال أيضا ان كثيرين من المتصلين بهؤلاء انما أتوا ذلك بفعل الارهاب. ولكن في الحركة العربية ما يفوق ذلك بكثير. وانى أرى أن من واجب هذا المجلس المعروف بقدرته على تفهم الشعوب الأخرى ان يقدر ان الكثيرين من المشتغلين بالحركة العربية الفلسطينية انما يشتغلون فيها بحافز من الشعور الوطنى الصادق. ومهما بلغ بهم الخطأ ومهما بلغ بهم الضلال في الاسترشاد فان الكثيرين منهم قد اضطروا الى ركوب المخاطر والمجازفة بأرواحهم في سبيل بلادهم. (اننى أعلم أن الرواية لا تقف عند هذا الحد فهنالك أشياء أخرى كثيرة لابد من ذكرها أن اردنا أن نأتى على وصف تام وعادل للحالة. فهنالك سلسلة من الحقائق لها على الخصوص مكان كبير من الأهمية لا أرى مندوحة عن ذكرها. فان أولئك الذين فكروا - قبل عشرين سنة - في امكان تسهيل انشاء وطن قومى لليهود كانت تحدوهم فكرة سامية وقد تحققت هذه الفكره في هذه السنوات العشرين الأولى فبرزت للعيان على صورة عمل انشائى باهر غير اننى أسائل نفسى في عجب أحيانا: هل قيض لجميع أولئك الذين وضعوا أسس ذلك العمل الانشائى العظيم أن يعلموا الحالة على حقيقتها في ذلك الزمن أى في سنى 1917، 1918، 1919. كما اتساءل أيضا في عجب هل كان هؤلاء يدرون حينذاك انه بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط يقيم ما يزيد على 600.000 نسمة من العرب؟ أنا على ثقة من انهم لم يكونوا ليعلموا على كل حال ان السكان العرب سيزدادون ازديادا سريعا بسبب اليهود وبسبب قدومهم الى البلاد. فقد جاء اليهود وجاءوا معهم بالمال واشغال العمران التى زادت في أسباب المعيشة والخدمات الصحية الحديثة التى لم تقتصر منافعها على اليهود فحسب بل تجاوزتهم الى العرب أيضا تفسح المجال لافراد الناس حتى يعمروا طويلا ويعيشوا في طمأنينة وازداد عدد السكان العرب في فلسطين ازديادا سريعا منذ سنة 1922 اذ كانوا يبلغون 600.000 نسمه فأصبحوا اليوم 990.000 نسمة وهذه الزيادة لا ترجع الى هجرة الاشخاص من خارج البلاد بل تعزى كلها تقريبا الى النمو الطبيعى. وقد يكون من واجبى أن أضيف الى ذلك ان الحسابات التقديرية تدل على ان مجموع السكان العرب في فلسطين البالغ عددهم الآن 990.000 سيكون مليونا ونصف مليون خلال السنوات العشرين القادمة.

       ان هذه السلسلة الباهرة الهامة من الحقائق تؤدى بنا الى تكوين فكرتين: فمن شأنها بادىء ذى بدء أن تؤدى الى قلب ما يقدر لعدد اليهود الذين يمكنهم أن يستوطنوا فلسطين دون الحاق ضير بحقوق العرب ووضعهم. ولكن لهذه الحالة كما قلت ناحيتين فالناحية الأخرى منها هى انه ليس بمستطاع للعرب أن يقولوا ان اليهود يجلونهم عن بلادهم وانى اعتقد انه لو لم يدخل فلسطين يهودى واحد بعد سنة 1918 لكان عدد السكان العرب لا يزال حول 600.000 نسمة وهو الرقم الذى كان يستقر عليه عددهم في عهد الحكم التركى فبسبب مجىء اليهود وما جلبوه من الخدمات الصحية الحديثة والفوائد الأخرى يعيش الآن فريق من الرجال والنساء لولاها لكانوا فى عداد الأموات.

       وبسبب هذه الخدمات أيضا أخذ أطفالهم يكبرون وتقوى أجسامهم ولولاها لما تنشق البعض منهم نسيم الحياة . لم تكن فائدة وعد بلفور مقصورة على اليهود فان

<4>