إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) النص الكامل للبيان الذي ألقاه وزير المستعمرات في مجلس العموم في 24 نوفمبر 1938
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 669 - 675"

العرب جنوا منه فائدة كبرى فلعرب فلسطين ان ينكروا ذلك ما شاءوا ولكنهم جنوا بطبيعة الحال فائدة جليلة من وعد بلفور. وانى أعلم أن لا فائدة ترجى من الاصرار على اقناع العرب بهذه الحجة فكلهم يعيرونها آذانا صماء وعيونهم لا تبصر مشهد التحسن التدريجى الذى يتناول حياة شعبهم. لانهم يفكرون في شيء آخر. انهم يفكرون في حريتهم ويخشون انه اذا استمرت الحال على هذا المنوال فانهم سيخضعون في النهاية من الوجهة السياسية لسيطرة أبناء الوطن القومى اليهودى النشطين الجادين المستمرين في الازدياد.

       اننى أقول ان من الواجب علينا نحن الشعب البريطانى أن يكون آخر شعب في العالم لا يدرك شعور العرب بهذا الشأن ذلك اننا نحن انفسنا لن نحجم عن التضحية بالفوائد المادية حين نرى حريتنا مهددة. انه لا يسعنا ان نضع اليهود تحت سيطرة العرب في فلسطين ولكننا ما لم نستطع أن نزيل المخاوف التى تساور العرب من ان يصبحوا تحت سيطرة اليهود فسيتحتم علينا ان نجابه شعبا مرتابا معاديا ينتشر في منطقة واسعة الأرجاء من الشرق الأدنى وان نضطر الى ابقاء قسم كبير من جيشنا في فلسطين الى أجل غير محدود. إن علينا التزامين خطيرين نحو الشعبين في فلسطين فنحن ملزمون بتسهيل هجرة اليهود الى فلسطين في أحوال ملائمة وتشجيع حق اليهود في الأراضي من الجهة الواحدة كما أننا ملزمون بأن نؤمن عدم الحاق الضرر بحقوق العرب ووضعهم من الجهة الثانية. فكيف يمكننا التوفيق بين هذين الالتزامين بصورة عادلة سليمة ؟ هذه هى المشكلة التى لابد لنا من حلها. وهذا هو اللغز الذى يجب علينا أن نحله ونجد جوابا له. ان لجنة بيل قد أوصت بتقسيم البلاد شافعة توصيتها بحجة منطقية وأن يفصل العرب عن اليهود لدرجة ما وأن تحقق رغبة كل منهما في الحكم الذاتى في أنحاء مختلفة من فلسطين مع ابقاء الأماكن المقدسة تحت الانتداب كمنطقة خاصة وهذا المجلس لم يلزم نفسه قط باقرار تلك السياسة ولكن الحكومة قد قبلت بها مبدئيا باعتبارها خير حل يرجى منه الخروج من ذلك المأزق. ولكنه كان لابد من اجراء تحقيق آخر للتثبت من امكان تطبيق هذا المبدأ فأوفدت لجنة وودهيد الى فلسطين للقيام بذلك التحقيق ومكثت هذه اللجنة في القدس مدة ثلاثة أشهر معرضة للأخطار وجابت البلاد من أقصاها الى أقصاها يصحبها دوما حرس مسلح وقد كانت قامت بما وكل إليها بشجاعة وبمنتهى الدقة والكفاءة. وقبل مدة وجيزة قدمت اللجنة تقريرها فتبين منه بوضوح أن التقسيم كما اقترحته لجنة بيل هو غير عملى كما تبين منه أيضا أنه لو أردنا أن نقسم فلسطين الى دولة يهودية ودولة عربية ومنطقة انتداب لانجلت ميزانية الدولة اليهودية عن وفر عظيم في كل سنة، بينما ميزانية الدولة العربية وميزانية الانتداب ستنجلى كل منهما عن عجز كبير عاما بعد عام. وقد قالت اللجنة فى تقريرها أن شروط اختصاصها لا تبيح لها أن توصى بحدود للمناطق المقترحة من شأنها أن تسفر عن أمل معقول بامكان انشاء دولة عربية وأخرى يهودية تكون كل منهما قادرة على سد نفقاتها بذاتها. وانى أعتقد أن ذلك لمما يوجب الثناء على أعمال اليهود باعتبار أن الذين يعيشون وراء المستعمرات اليهودية لن يستطيعوا أن يحافظوا على نظام الحكم وعلى الخدمات الاجتماعية التى اعتادوها دون مساعدة اليهود المستمرة. فهذه الحالة أيضا تقضى قضاء مبرما على الاقتراح القائل بتقسيم فلسطين الى دولتين ذواتى سيادة. ولذلك لم تتوان حكومة جلالته في اقرار هذا الأمر. فقر رأيها. أن لا يعطى اليهود أى قسم من فلسطين لمد سيطرتهم عليه وأن لا يعطى أى قسم آخر للعرب لمد سيطرتهم عليه .. ولذلك

<5>