إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) مذكرة عن عهود بريطانيا العظمى للعرب
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 677 - 2 68"

        التفسير الذى تأخذ به الحكومة البريطانية لمدى التعهدات التى قطعها للعرب، ووزير الخارجية في سنة 1915.

        ونغض هنيهة عن النيات المستورة، ونتناول النص نفسه، فسنرى ان الألفاظ التى استعملت في المكاتبات لا يمكن تفسيرها الا بان فلسطين لم تكن مستثناة - لا بصفة مباشرة ولا بصفة غيرمباشرة - من منطقة الاستقلال العربي. وعبارة " ولايات دمشق الشام وحمص وحماة وحلب " كما ورد في (الفقرة 13) لا يمكن أن يكون لها غير معنى واحد هو الاقاليم المجاورة لهذه المدن، ومن البديهى أيضا ان الشريف حسين فهم أن "الأجزاء من بلاد الشام" التى سيحتفظ بها هى الواقعة. في الغرب مباشرة من هذه المدن الأربع، ليس الا. في كتابه المؤرخ في 15 نوفمبر سنة 1915، يذكر ولايتى حلب وبيروت "وسواحلهما " وفي كتابه في أول يناير 1916 يصف المناطق المقترح اخراجها بأنها "الجهات الشمالية وسواحلها" وفي نفس الكتاب يقول: "عند أول فرصة تضع فيها أوزار هذه الحروب سنطالبكم بما نغض الطرف عنه اليوم لفرنسا في بيروت وسواحلها" وفضلا عن ذلك فان السير هنرى مكماهون نفسه يشير في كتابه المؤرخ في 30 يناير 1916 الى الأجزاء من بلاد الشام التى ستستثنى بكلمتى "الجهات الشمالية" ويدل بذلك على أنه في ذلك الوقت على الأقل لم يكن يخالف الشريف حسين في اعتبار التحفظات سارية فقط على المناطق الساحلية الشمالية من سوريا.

        وهناك اخيرا دليل مستمد من عمل الشريف حسين نفسه فيما بعد، فيما يتعلق بفلسطين وهو يثبت أنه كان دائما يعتقد أن هذا الجزء من سوريا - فلسطين - باق في نطاق الاستقلال العربى. فما كاد يصدر تصريح بلفور حتى بادر الى أرسال احتجاج الى الحكومة البريطانية، طالبا ايضاحا عن هذا التصريح. فهذا العمل وغيره مما فعله الشريف حسين قد يعد خارجا عن اختصاص اللجنة التى لا يتناول عملها الا درس مكاتبات مكماهون ولكن هذه حقائق تاريخية وعلى ضوئها يتبين ان ما صرح به السير هنرى مكماهون في جريدة التيمس يفقد قوته بل يبدو عديم المعنى.

        والقول بأن الحكومة البريطانية كانت تنوى فعلا اخراج فلسطين من منطقة النفوذ الفرنسى، وادماجها في نطاق الاستقلال العربى (أى في منطقة النفوذ البريطانى في المستقبل) ، هذا القول تؤيده التدابير التى اتخذت في فلسطين في أثناء الحرب. فقد ألقى البريطانيون آلافا من النشرات على كل أنحاء فلسطين، وهذه النشرات كانت عبارة عن رسالة من الشريف حسين من ناحية، ورسالة من القيادة البريطانية من ناحية أخرى، ومؤدى الرسالتين - انه عقد اتفاق بريطانى عربى يكفل استقلال العرب ، وان الفريقين يطلبان من أهالى فلسطين ان يعدو الجيش البريطانى الزاحف جيشا حليفا، جاء لتحريرهم، وان عليهم ان يقدموا له كل مساعدة وقد انشئت تحت اشراف السلطة العسكرية البريطانية فى فلسطين مكاتب لتجنيد المتطوعين لقوات الثورة العربية. وفى سنة 1916 ومعظم سنة 1917 كان من الواضح ان موقف الضباط العسكريين والموظفين السياسيين التابعين للجيش البريطانى قائم على اعتبار أن فلسطين ستكون جزءا من البلاد العربيه التى ستقوم فيها بعد الحرب حكومات مستقلة متحالفة مع بريطانيا العظمى.

<5>