إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) بيان رئيس القضاة البريطاني بشأن البيانات التى ألقاها أعضاء اللجنة العرب
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 683 - 690"

        وفضلا عن ذلك فان فلسطين ما كان يمكن أن تعد أرضا عربية صرفا حتي في سنه 1915، وصحيح أن أحد الناطقين بلسان العرب قال انها على العكس كانت "عربية صرفا" على خلاف الجهات الساحلية الى الشمال، وان هذا عامل يجب ادخاله فى الحساب عند تقدير الظروف المحيطة. ولكن يجب أن يذكر أنه بغض النظر عن الأهالى اليهود الذين كانوا فيها، فانها كانت غاصة بالكنائس والمدارس والمعاهد المسيحية من كل ضرب ونوع وكان آلاف من الحجاج المسيحيين والسياح يذهبون اليها في كل عام، وكانت هذه المعاهد مبعثرة في أنحاء البلاد وبعض البلدان - مثل بيت لحم - كانت مسيحية صرفا تقريبا. والواقع أنه لم يكن فيها - أى بيت لحم - في سنة 1912 سوى ثلاثمائة مسلم، من أحد عشر ألفا. وفي الناصرة كان عدد السكان خمسة عشر ألفا منهم عشرة آلاف من مذاهب مسيحية مختلفة - يونان ولاتين ومارونيين وبروتستانت - ولا شك في أن معظم هؤلاء المسيحيين كانوا عربا، ولكن كان هناك عدد كبير من المسيحيين الأجانب فضلا عن المعاهد المسيحية الأجنبية.

        ومن الجلى أن بريطانيا العظمى لم يكن لها حق أو سلطان في سنة 1915 يخولها أن تقول: انه اذا نجح الحلفاء في أن ينتزعوا من الدولة العثمانية أرضا لها هذه الاهمية في العالم المسيحى، فانها ستسلمها الى حكم "دولة اسلامية مستقلة أخرى" من قبل أن تحصل أولا على كل نوع من الضمانات لحماية الاماكن المقدسة المسيحية واليهودية ولكفالة الحرية في الوصول اليها على الاقل بمقدار ما كانت هذه الحرية مكفولة في عهد الدولة العثمانية.

        من أجل هذا، لا يكون مما يقبل عقلا أن يكون السير هنرى مكماهون قد أراد أن يعطى الشريف حسين وعدا اضافيا بأن تكون فلسطين داخلة في منطقة الاستقلال العربى. وأن في كون مسألة الضمانات لم تذكر قط، لدليلا ينفى كل شك في أن السير هنرى مكماهون لم يخطر له لحظة واحدة أن كتابه سيفهم منه أن فلسطين داخلة في هذه المنطقة. وانه لمعقول أن يعتقد المرء أن شريف مكة الذى أظهر غيرة مشروعة على الاماكن الاسلامية المقدسة في الحجاز لابد أن يكون قد قدر وأدرك الشعور المسيحى في هذه المسألة وعرف أنه ما من موظف بريطانى يستطيع أن يتعهد بضم فلسطين الى دولة اسلامية أخرى من غير ان يبدى تحفظات صريحة فيما يتعلق بالاماكن المقدسة المسيحية.

        ومن العوامل الأخرى العظيمة الأهمية أن ميناء حيفا كانت تزداد أهميتها بسرعة وهذه الميناء وغيرها من الموانى على الساحل الفلسطينى عظيمة القيمة من وجهة النظر البريطانية، اذا اعتبرنا مصالح بريطانيا العظمى الكبيرة في قناة السويس ولابد أنه كان من الواضح لكل مراقب مطلع أنه في حالة انتصار الحلفاء ستعنى بريطانيا بالحصول على ضمانات تمنع استخدام أراضى فلسطين ، ولاسيما موانئ مثل حيفا، للهجوم منها في المستقبل على أرض مصر.

        أما عن مصالح فرنسا فان من المعلوم أن فرنسا طالبت في سنة 1915، بأن يكون لها نفوذ عظيم جدا اذا لم يتيسر أن تكون لها السيادة الفعلية في مناطق واسعة وغير محددة بدقة في الشرق الأوسط. ولا بد أن يكون شريف مكة كان يعرف أن لفرنسا مطالب من هذا القبيل حتى من قبل أن يرد ذكر لهذه المطالب في المكاتبات

<2>