إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) بيان رئيس القضاة البريطاني بشأن البيانات التي ألقاها أعضاء اللجنة العرب
"ملف وثائق فلسطين عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 683 - 690"

فقد كان على اتصال بالوطنيين العرب في سوريا وحسبه هذا مصدرا للعلم بمطامع فرنسا اذا لم يكن ثم مصدر غير ذلك.

        هذه الاعتبارات نجعل من غير المعقول أن يكون السير هنرى مكماهون قد أهمل كل ذكر للمصالح الفرنسية والبريطانية فيما يسمى الآن فلسطين، الا اذا كان قد عد فلسطين خارجة، بطبيعة الحال وبالبداهة، عن المنطقة التى كان يعد العرب فيها بالاستقلال. وانه لمن العسير أن يفهم الانسان كيف يظن من يقرأ كتب السير هنرى، ويكون محيطا بالموقف السياسى العام في الشرق الاوسط، ومن غير بحث واستقصاء ان فلسطين كان في النية ادخالها في منطقة الاستقلال.

        ويجب أيضا أن يتذكر المرء كيف كان الموقف العام فىسنة 1915 فقد كانت تركيا مسيطرة على كل من سوريا وفلسطين، ولم تكن قد انهزمت بعد. وكانت فرنسا والروسيا حليفتين لبريطانيا. ولكن كان على بريطانيا أيضا أن تراعى دولا أخرى في أوروبا ولاسيما ايطاليا، فلم يكن في وسعها أن تقطع للشريف حسين عهودا تورطها في مشاكل خطيرة بعد الحرب، وتخلق لها مصاعب مع أهم دول.

        واذا رجعنا الى نص تعهد مكماهون في كتابه المؤرخ في 24 أكتوبر سنة 1915، فان هذا يجب أن يقرأ على ضوء مباحثات معينة دارت بين المندوب السامى البريطانى في فلسطين ومحمد شريف الفاروقى.

        وقد لا يكون الفاروقى ممثلا معتمدا لشريف مكة أو لزعماء الحركة الوطنية العربية في دمشق، وقد لا يكون هؤلاء الزعماء والشريف قد علموا بفحوى مباحثاته مع المندوب السامى في خريف سنة 1915، ولكن لا شك في أنه كان مطلعا تمام الاطلاع على آراء زعماء العرب وآمالهم. وما من عربى يمكن أن يكون قد أنكر - أو يمكن أن ينكر الآن - انه كان يضع مطالبهم عند حدها الادنى حين قال أن العرب مستعدون أن يقاتلوا في سبيل "ولايات حلب وحمص وحماة ودمشق" وانه لابد أن يكون قد أراد بكلمة "ولايات" ما يحيط بهذه المدن بأوسع المعانى، وانه ما كان يمكن أن يعنى أن العرب لا يقاتلون من أجل أى جزء من الاراضى الداخلة من حدود كليكيا الى خليج العقبة. وهذه المنطقة مهمة ، لأن العبارة التى استعملها، فيما بعد، السير هنرى مكماهون في كتابه، هى نفس العبارة التى استعملها الفاروقى.

        فالفاروقى هو اذن الذى قال: " ان العرب قد بقبلون تحفظا عاما من بريطانيا خاصا بالاراضى التى لا يسعها أن تكون حرة في التصرف فيها دون اساءة الى حلفائها ومع أن حكومة جلالته لم تنشأ أن تبالغ في تأكيد هذه النقطة بدون اساءة الى حلفائها. لأن الفاروقى لم يكن مفوضا، الا أن هذا يدل على ما كان يدور في ذهن السير هنرى مكماهون حين قطع العهد.

        كل هذه الاعتبارات يجب أن تذكر عندما يراد تعليق معنى خاص ببعض الالفاظ في مكاتبات سنتى 1915، وقد تبدو المكاتبات بين السير هنرى مكماهون والشريف حسين أبعد ما تكون في هذا الوقت عن الوضوح والجلاء ولكن الظروف التى لخصت فيما سلف، والمشاغل العديدة.. التى كانت تستغرق وقت رجل في مثل مركز السير هنرى في ذلك الوقت، والحالة في بلاد العرب، كل هذه مسائل مرتيطة بدرس الوثائق. وهذا يصدق، على الخصوص، اذا نظرنا الى معنى التعهد على ضوء

<3>