إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) بيان رئيس القضاة البريطاني بشأن البيانات التى ألقاها أعضاء اللجنة العرب
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي،ج 1، ص 683 - 690"

        وفي الكتاب المؤرخ فى أول يناير 1916 قبل الشريف حسين أن يرجئ النظر في مسألة احتلال فرنسا "لبيروت وسواحلها". ومهما يكن المراد بهذا اللفظ: "ومن الممكن أن يقال ان سواحل بيروت تمتد الى الحدود المصرية" - فان من الجلى انه يخرج سواحل فلسطين الى آخر حدود ولاية بيروت جنوبا، أى الى نقطة تقع شمال يافا. وهذا في ذاته يعد بمثابة قبول وقتى لتحفظ خاص بنصف فلسطين تقريبا.

        وقد أشير من قبل الى اتفاق "سيكس بيكو" المعقود في مايو 1916 وكذلك أشير الى ان مطالب فرنسا في بداية الحرب كانت تشمل فلسطين كلها كما تشمل دمشق وحلب. وهنا يجب أن يذكر ان السير مارك سيكس كان صادق العطف على القضية العربية، ومن الجلى انه كان يفاوض في عقد هذا الاتفاق وهو معتقد ان التحفظ الوارد على تعهد 24 أكتوبر 1915 يسوغ عقد الاتفاق الذى انتهى اليه. وحكومة جلالته تشك في أنه كان على صواب.

        وفضلا عن ذلك فان السير مارك سيكس حصل على تساهل عظيم من المفاوضين الفرنسيين فيما يتعلق بسناجق حماة ودمشق وحلب، وهى سناجق كان لدى حكومة جلالته من الأسباب - نظرا لما كان الفاروقى قد قاله في تاريخ سابق - ما يحملها على الاعتقاد بانها حيوية للعرب. وقد كان من الصعب جدا الحصول من الحكومة الفرنسية على هذا التساهل، وكان الاعتقاد قويا في ذلك الوقت ان الاتفاق الذى عقد - على ما جاء في تقرير رسمى كتب يومئذ - "من شأنه أن يسوى الخلافات الأساسية بين العرب والفرنسيين فيما يتعلق بسوريا."

        وقد اعتبرت فلسطين في هذه الاتفاق دولية، على أن يستشار شريف مكة ويتفق مع ممثليه على نوع الحكم الذى يقوم فيها. وهذه نقط كثيرا ما تهمل، ولكنها اذا روعيت وأدخلت في الحساب عند النظر في الموضوع كان من الصعب أن يقال ان الاتفاق كان بمثابة نكث للعهد مع الشريف حسين. يضاف الى ذلك ان حكومة جلالته لم تكن فى سنة 1915 في مركز يسمح لها بأن تعطى السيادة على فلسطين للعرب، فقد كان عليها أن تستشير حلفاءها وغيرهم من الأمم ذوات المصالح في فلسطين، كما هى مضطرة الآن ان تستشير عصبة الأمم.

        واتفاق "سيكس بيكو" يكسب الوعد المبذول للشريف حسين أهمية خاصة وهذا ما ينساه العرب. فقد كان مؤداه ان بريطانيا العظمى مستعدة أن تعترف باستقلال العرب وتؤيده ومتى سمحت الأحوال وأسعفت الظروف فان بريطانيا العظمى تنصح العرب وتساعدهم في اقامة ما يعد أصلح أنواع الحكم في هذه الأراضى المختلفة.

        وترى حكومة جلالته ان بريطانيا العظمى قد انجزت وعودها على الرغم من الصعوبات العظيمة. وقد يكون هناك محل للأسف، لانها لم تنجزها على وجه أوفى، ولكن شريف مكة لا يمكن أن يكون قد اعتقد انها أعطته - وهى لم تعطه في الواقع قط - وعدا من شأنه أن يورطها في حرب مع حليف لها لتحقق للعرب آمالا في أية رقعة من الأرض التى طلبها الشريف.

        وتتكرر الشكوى مرارا من تصريح بلفور، ولكن لا يمكن أن يقال ان المستر بلفور كان خليقا أن يصدر هذا التصريح لو انه يظن أن فلسطين داخلة في الوعد

<7>