إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) ملاحظات على بيان رئيس القضاة
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج1، ص 699 - 703"

1915 يخولانها أن تعد، في حالة نجاح الحلفاء في أن ينتزعوا من الدولة العثمانية أرضا لها مثل هذه الاهمية للعالم المسيحى وأن يسلموها الى دولة إسلامية أخرى مستقلة، من غير أن يحصلوا أولا على كل نوع من الضمانات لحماية الاماكن المقدسة من مسيحية ويهودية، وكفالة حرية الوصول إليها على الأقل - بقدر ما كان ذلك مكفولا في عهد الأتراك أنفسهم ويستنتج من ذلك أن مما لا يتصور أن يكون السير هنرى مكماهون قد قصد أن يعطى الشريف وعدا لا قيد فيه ولا شرط، بأن تكون فلسطين داخلة في منطقة الاستقلال العربي، ثم يعزز رئيس القضاة استنتاجه هذا بقوله: إن كون مسألة الضمانات لم يرد لها ذكر، يبين بلا أدنى شك أن السير هنرى مكماهون لم يقصد أبدا أن يفهم أحد من كتابه أن فلسطين داخلة في المنطقة الموعودة.

       ويقرر مندوبو العرب بكل احترام أن هذا الاستنتاج قائم على خطأ مادي في تصور الموقف، وذلك: أولا لأن سلامة الأماكن المقدسة، وحرية الوصول اليها، منصوص عليهما بصراحة في معاهدة برلين، المعقودة سنة 1878، وهي معاهدة دولية معترف بها في أوسع نطاق، ومقيدة بها تركيا، وهي تسرى من تلقاء نفسها على كل دولة ينتقل اليها ما كان للدولة العثمانية من سيادة في فلسطين وثانيا لأن نص المكاتبات نفسها يبين بجلاء أن المقرر أن تنتفع حكومات الدول العربية المستقلة بالمشورة البريطانية وبمساعدة الموظفين البريطانيين في اقامة نظام حكم صالح وهذا وحده كان ضمانا كافيا، ينتفى به كل خطر، كائنا ما كان، على الأماكن المقدسة من الحكومات العربية المستقلة، حتى تقوم دولها. وثالثا لأن السير هنرى مكماهون وضع تحفظا صالحا فيما يتعلق بالاماكن المقدسة، وذلك في كتابه المؤرخ في 24 اكتوبر 1915، وفيه يقول " ان بريطانيا العظمى تضمن الأماكن المقدسة من كل اعتداء خارجي، تعترف بوجوب منع التعدى عليها".

       ومندوبو العرب عاجزون عن أن يفهموا ما يقصد اليه رئيس القضاة بقوله: ان مسألة الضمانات لم يرد لها ذكر. ذلك أن الامر لا يقتصر على أن حماية الأماكن المقدسة . وحرية الوصول اليها، منصوص عليهما في وثيقة دولية، بل إن السير هنرى مكماهون نفسه ضمن كتابه إلى الشريف حسين ضمانات صريحا ومؤكدا لم يعترض عليه الشريف حسين، ولم يجادل فيه بخلاف. ومن الادلة القاطعة على ان السير هنرى مكماهون كان يفكر في فلسطين حين بذل الوعد باسم حكومته للشريف حسين، أنه رأى من الصواب أن ينص في كتابه على هذا الضمان.

       ويوافق مندوبو العرب رئيس القضاة أتم الموافقة على قوله: " ان من المعقول أن نعتقد أن شريف مكة الذي أبدى اهتماما مشروعا بالأماكن المقدسة في الحجاز لابد أن يكون مدركا لقوة الشعور المسيحي في هذه المسألة، وعارفا أنه ما من موظف بريطاني يستطيع أن يتعهد بإعطاء فلسطين لدولة إسلامية أخرى، إلا بتحفظات صريحة، فيما يتعلق بالأراضي المقدسة المسيحية". فأما إن الشريف حسين كان يدرك ويحترم الشعور المسيحي واليهودي فيما يتعلق بالأراضي المقدسة فواضح ليس فقط من كونه لم يجادل قط فيما نص عليه السير هنري مكماهون من وجوب المحافظة على الأراضي المقدسة من الاعتداء إلخ، بل من تصريحاته العديدة، وعلى الخصوص تصريحه للكومندر هوجارث عن استعداد العرب لأن يضمنوا في كل وقت سلامة الأراضي المقدسة وحرية الوصول إليها كائنة ما كانت ملة أصحابها.

<2>