إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) ملاحظات على بيان رئيس القضاة
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، 699 -703"

       ويقول رئيس القضاة في الفقرة الثامنة من مذكرته ان ميناء حيفا وغيرها من مواني الساحل الفلسطينى ذات أهمية من وجهة النظر البريطانية ويذهب الى انه لابد من انه كان واضحا أن بريطانيا العظمى كانت خليقة أن تطلب ضمانات تمنع استعمال أراضي فلسطين على العموم وميناء حيفا على الخصوص، للاعتداء في المستقبل على اللأرضي المصرية. فهنا أيضا نقول بكل احترام: أن رئيس القضاة لا بد أن يكون قد أغفل ان اقتراحات الشريف حسين كانت ترمى عقد محالفة عسكرية ببن بريطانيا العظمى وحكومة العرب المستقلة في فلسطين. وان السير هنرى مكماهون من ناحيته اشترط أن يكون المستشارون والموظفون الاجانب الذين تحتاج الى الاستعانة بهم الدول العربية من البريطانيين وحدهم.

       ويقول رئيس القضاة في مذكرته: أنه اذا كان هناك شىء ثابت في هذا النزاع فذاك أن بريطانيا العظمى لم تكن في اكتوبر 1915 حرة في أن تعمل في فلسطين بغير مراعاة لمصالح فرنسا. ثم يقول: انه قد يكون صحيحا أن حكومة جلالته كانت راغبة في تقييد المطالب الفرنسية، وتضييق نطاقها، ولكن هذا ليس معناه أنها كانت حرة في أن تفعل ذلك. ويضيف رئيس القضاة إلى ذلك أن هناك فرقا بين الرغبة في شىء وامكان تحقيقه.

       ويود مندوبو العرب أن يقولوا أن ما يذهب اليه رئيس القضاة للا ينهض. وسواء أكانت الحكومة البريطانية حرة في الواقع فيما يتعلق بفلسين والمطالب الفرنسية، أم لم تكن فان من الجلى مما ذكره. رئيس القضاة انها كانت راغبة في سنة 1915 أن تخرج فلسطين من نطاق المطالب الفرنسية، وكل شىء يدل على هذا ويعززه.. كذلك ما ورد في تقرير اللجنة التى كان يرأسها السير م. د. بنس، وقد تفضل رئيس القضاة بابلاغنا إياه.

       على أن قول رئيس القضاة ان هناك فرقا بين تمنى الشىء وتحقيقه لا علاقة له بالموضوع ، وان كانا من البديهى انه صحيح. والمهم ان الحكومة البريطانية كانت راغبة في اخراج فلسطين من منطقة النفوذ الفرنسى في المستقبل، وأنها كانت تحاول في مكاتبات مكماهون أن تمهد الطريق لبلوغ هذه الغاية. وهناك فرق كبير بين تحقيق الغرض ومحاولة تحقيقه. ومندوبو العرب يقررون ان الحكومة البريطانية، لرغبتها في مقاومة المطالب الفرنسية فيما يتعلق بفلسطين، حاولت أن تحقق هذه الرغبة بخطوات متتابعة وذلك أولا بالامتناع عن أى ذكر لفلسطين حين سردت - في كتاب السير هنرى مكماهون في 24 اكتوبر 1915 - تلك الاجزاء من سوريا التى يحتفظ بها من أجل المصالح الفرنسية . وثانيا بعد أن أرسل هذا الكتاب فعلا بدعوة مندوبى فرنسا الى لندن، ومحاولة حملهم على التخلى عن فلسطين، وثالثا في سنة 1916 بالاصرار على النص في اتفاق سيكس بيكو، على أن تكون فلسطين ذات صبغة دولية. وأخيرا بعد انتهاء الحرب بمطالبة فرنسا صراحة بالموافقة على الانتداب البريطانى في فلسطين.

       هذا هو السياق التاريخى للحوادث التى وقعت بين نشوء الرغبة البريطانية في سنة 1915 وتحقيقهما في سنة 1919. ولم يكن كتاب السير هنرى مكماهون المؤرخ في 24 اكتوبر 1915 الا خطوة أولى، من سلسلة خطوات، حاولت بها الحكومة

<3>