إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) بيان اللورد رئيس القضاة في 16 مارس 1939
" ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 713 - 715"

       ولكن مطالب فرنسا لم تكن هى وحدها التى جعلت بريطانيا العظمى غير حرة في اعطاء وعود خاصة بفلسطين في خريف سنة 1915. فقد كان من الواجب أن يدخل في الحساب اهتمام كل بلاد العالم تقريبا بفلسطين. وهنا يود اللورد رئيس القضاة أن يقول انه وان كان لا يريد أن يختلف مع الثقات الذين استشهد بهم السير متشيل ماك دونيل، فهو يرى أنة قد يكون هناك بعض الخطأ في فهم حجته.

       وهو لا يجب أن يكون مفهوما من كلامه انه يقول أن فلسطين مخرجة من منطقة الاستقلال العربى لا لسبب سوى انها لم تذكر. والذي يعلمه ان هذا القول لم يصدر قط وان هذه الحجة لم تعرض أمام اللجنة الملكية ولا أمام سواها، وانما الذى يقوله اللورد رئيس القضاة هو ان التفسير المنصف للمكاتبات مع مراعاة الظروف التى كتبت فيها، يجعل فلسطين مخرجة في الواقع حتى ولو لم يرد لها ذكر.

       وبعبارة أخرى يرى اللورد رئيس القضاة ان المكاتبات على الجملة والتحفظ المتعلق بالمصالح الفرنسية في كتاب السير هنرى مكماهون المؤرخ في 24 أكتوبر 1915 تخرج فلسطين، وانه كان ينبغى أن يكون هذا هو المفهوم نظرا الى مركز فلسطين الفريد في بابه.

       وقد أعرب اللورد ملنر بقوة، عن هذا الرأى في خطبة ألقاها في مجلس اللوردات في السابع والعشرين من يونية سنة 1923 حيث قال:

       "إني نصير قوى للسياسة الموالية للعرب.. وانى لأومن باستقلال البلاد العربية.. واتطلع الى ظهور اتحاد عربى.. ولكن فلسطين لا يمكن أن تعد مماثلة للبلدان العربية الأخرى. وليس في وسعكم ان تغفلوا التاريخ كله والتقاليد أجمعها في هذا الموضوع. وليس في طاقتكم أن تنسوا ان هذه البلاد هى مهد دينين من أكبر أديان العالم. وانها بلاد مقدسة عند العرب كما هي بلاد مقدسة أيضا عند اليهود والمسيحيين. وليس في الامكان ترك مستقبل فلسطين يتقرر بالاحساسات الوقتية للأغلبية العربية الموجودة في البلاد في الوقت الحاضر".

       أما من حيث العوامل الفردية التى تتكون منها الظروف المحيطة بالموضوع فان اللورد رئيس القضاة قد أخذ علما بالملاحظات المبنية على معاهدة برلين وبالاقتراحات الخاصة بالتعاون العربى البريطانى المشار اليها في خلال المكاتبات. ومما يلاحظ ان المادة 62 تنص بصراحة على تحفظ خاص بحقوق فرنسا.

       وهذه المادة تعزز رأى رئيس القضاة، فان بريطانيا لم يكن عليها - فيما يتعلق بفلسطين - ان تفكر في نفسها فقط ، بل في العالم كله. فلو انها كانت في الواقع تنوى أن تعترف باستقلال العرب في فلسطين وتؤيده لما استطاعت أن تفعل ذلك من غير ان تبين بوضوح الحقوق التى يجب الاحتفاظ بها لا لنفسها فقط بل لكل من يعنيه الأمر سواها.

       أما النقطة الخاصة بالأماكن المقدسة، فأمرها مختلف، ومن رأي اللورد رئيس القضاة ان عبارة "الأماكن المقدسة" كما وردت في المكاتبات، كان المقصود بها الأماكن المقدسة في مكة والمدينة. وعلى فرض ان العبارة تشمل القدس والأماكن الاخرى بفلسطين، فان كون بريطانيا كانت مستعدة لحماية الاماكن المقدسة

<2>