إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) رسالة ايزنهاور إلى الكونجرس الأمريكي في 5 يناير 1957
"ملف وثائق فلسطين عام 1950 إلى 1969، وزارة الإرشاد القومي، ج 2، ص 1195 - 1200"

الإسرائيلي في أكتوبر زاد من شدة الخلافات بين إسرائيل وجيرانها العرب. واستطاعت الشيوعية العالمية استغلال هذا الوضع من عدم الاستقرار لمصلحتها.

         إن الحكام الروس يسعون منذ أمد طويل للسيطرة على الشرق الأوسط وذلك في أثناء الحكم القيصري، وفي العهد البلشفي أيضا، والأسباب التي تدفعهم إلى ذلك ليست خافية. فهم لا يفعلون ذلك لمصلحة أمن روسيا لأنه لا توجد أية دولة تخطط لكي تتخذ من الشرق الأوسط قاعدة للعدوان ضد روسيا، ولم يحدث حتى هذه اللحظة أن طرأت مثل هذه الفكرة على الولايات المتحدة.

         وإن الاتحاد السوفيتي لا يجد أي سبب يجعله يخشى الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، أو في أية بقعة من العالم، لأن حكامها أنفسهم لم يلجئوا قط للعدوان. كما أن روسيا، تسعى للسيطرة على الشرق الأوسط بسبب مصلحتها الاقتصادية، وهي لا تعتمد على قناة السويس في شيء. وفي سنة 1955 لم تزد نسبة السفن الروسية التي مرت في القناة عن ثلاثة أرباع من 1% من مجموع السفن التي مرت بها في ذلك العام، وليست روسيا بحاجة إلى مصادر البترول في المنطقة التي هو فيها مصدر الثروة الرئيسي، لأن روسيا في الحقيقة تصدر البترول كمنتجات رئيسية.

         ولكن الدافع لسيطرة روسيا على الشرق الأوسط في حقيقته دافع سياسي يمثل هدفها في نشر الشيوعية في العالم، ومن هنا نفهم الأمل الذي يدفع روسيا إلى السيطرة على الشرق الأوسط.

         إن هذه المنطقة كانت ولا تزال ملتقى الطرق لقارات النصف الشرقي من العالم وتعتبر قناة السويس عاملا هاما بالنسبة لدول أسيا وأوروبا لممارسة التجارة التي هي بمثابة شرايين الحياة لهذه الدول لبناء اقتصادياتها، كما يعتبر الشرق الأوسط ملتقى الطرق بين أوروبا وآسيا وأفريقية.

         ويحتوي الشرق الأوسط على ثلثي كميات البترول التي في العالم وهو يمد دولا كثيرة في أوروبا وآسيا وأفريقية بحاجاتها من البترول كما تعتمد دول أوروبا بصورة خاصة على الشرق الأوسط في مدها بالبترول، حيث يقوم اعتمادها هذا على الإنتاج. وثبتت هذه الحقيقة عندما أقفلت قناة السويس ونسفت بعض أنابيب البترول.

         إن هذه الأمور تؤكد أهمية الشرق الأوسط وتفقد دول المنطقة استقلالها إذا وقعت تحت سيطرة القوى الأجنبية المعادية للحرية وعندئذ تقع الكارثة بالنسبة للمنطقة نفسها وبالنسبة للشعوب المحبة للحرية والتي ستعرض حياتها الاقتصادية للاختناق. ولولا وجود مشروع مارشال وقيام حلف الأطلنطي ما سلمت أوروبا الغربية من الأخطار، ولو تحققت مثل هذه السيطرة الأجنبية على الشرق الأوسط ما سلمت الأمم المتحدة في آسيا وأفريقية من الهلاك. كما تفقد دول الشرق الأوسط أسواقها التي تعتمد عليها اقتصادياتها ثم ينعكس كل ذلك على حياة أمتنا الاقتصادية وأهدافها السياسية.

         وهنالك عوامل أخرى تؤكد أهمية الشرق الأوسط فهو مولد الديانات الثلاث الإسلامية والمسيحية واليهودية. إن مكة والقدس تمثلان ديانات تبشر بأن الروح أسمى من المادة وأن للإنسان كرامة وحقوقا تعجز حكومة دكتاتورية أن تسلبه

<2>