إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) بيان الدكتور جون ديفيز مدير وكالة إغاثة اللاجئين في مؤتمر اللاجئين العالمي في جنيف
"ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الإرشاد القومي، ج 2، ص 1239 - 1247"

وتكرارا عندما كنت أتحدث مع ممثلي الحكومات والجمعيات الخيرية خلال السنتين الأخيرتين، غير أن كثيرا من هذا الملل يرجع إلى عدم تفهم مشكلة اللاجئين الفلسطينيين كما هي وما يترتب على هذه المشكلة من الأمور بالنسبة للعالم أجمع.

         ونظرا لعدم التفهم الواسع هذا، قررت أن أغتنم هذه الفرصة لأحاول إيضاح بعض المفاهيم الخاطئة التي تجعل المرء يصل إلى استنتاجات خاطئة غير أنني قبل أن أفعل ذلك أريد أن أذكر أنني لم ألاق عدم التفهم هذا في كل شخص قابلته إذ أنه يوجد في كل بلد من البلدان، لحسن الحظ، بعض الأفراد الملمين إلماما شاملا بهذه القضية وأن عددا من هؤلاء الأفراد موجودون بالطبع بيننا في هذه القاعة.

         الفكرة الخاطئة الأولى: إن عرب فلسطين عديمو الحيلة ويفضلون الصدقات الدولية على العمل من أجل كسب رزقهم. أما الواقع فهو أن هؤلاء الناس هم على وجه العموم ميالون إلى العمل ولديهم رغبة قوية في أن يصبحوا قادرين على إعالة أنفسهم. ففي عام 1948 كان الاقتصاد الفلسطيني والثقافة الفلسطينية أكثر بلدان الشرق الأوسط تقدما كما يدل على ذلك ظهور بوادر نشاط صناعي واقتصادي ملحوظ وبرنامج تعليمي متسع وقيام طبقة وسطى مستمرة النمو. وترى بوجه عام أن العمال البالغين الذين يؤلفون هذه الطبقة الوسطى وجدوا أعمالا بعد نزوحهم عن فلسطين ولم يعتمدوا على الوكالة في أي وقت من الأوقات، ولقد كان هؤلاء يؤلفون حوالي 20 بالمائة من جميع القابلين للعمل الذين نزحوا عن ديارهم.

         أما اللاجئون الأقل حظا من هؤلاء، أي أولئك الذين أصبحوا معتمدين على الإغاثة الدولية، فإنهم لم يصبحوا كذلك رغبة منهم أو تعمدا، فلقد كان من بين هذه الفئة المرضى والطاعنون في السن والمزارعون والعمال غير الماهرين. وكان العنصر الأكبر منهم يتألف من العائلات المزارعة التي كانت مشكلتها أنها احتشدت في بلدان كانت تفيض أصلا بمثل هؤلاء العمال وكانت النتيجة أن هذه العائلات لم تجد شيئا تستطيع عمله، ومازال هذا الوضع إلى حد بعيد مصدر شقائها إلى هذا اليوم. وبوجه الإجمال وجدت أوضاع مماثلة بالنسبة للعمال الذين تنقصهم المهارة.

         وليس هنالك بين اللاجئين رغبة صادقة في التحسين الذاتي والإعالة الذاتية أكثر من تلك التي يمكن مشاهدتها بين الشباب أي أولئك الذين هم بين سن السادسة عشرة والعشرين. فهؤلاء يملكون مقدرات كامنة تساوي تلك الموجودة في أي بلد تقريبا، وأنهم تواقون إلى الحصول على التدريب التخصصي. والجدير بالذكر أن هذا صحيح على الرغم من المحيط البائس الذي نموا فيه حتى بلغوا سن الرشد.

         الفكرة الخاطئة الثانية: إن الحكومات العربية المضيفة قد أساءت معاملة اللاجئين بإهمالها إياهم حتى "وبإبقائهم كرهائن في صراعها مع إسرائيل". والحقيقة هي أن الحكومات المضيفة بوجه عام قد أبدت عطفا وسخاء في مساعدة اللاجئين ضمن حدود إمكانياتها، فلقد آوتهم في بلادها في الدرجة الأولى وهي تنفق في الوقت الحاضر ما يزيد عن الخمسة ملايين دولار في العام بشكل خدمات للاجئين. وبالإضافة إلى ذلك فقد تحملت بصبر المصاعب الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية وردود الفعل التي تنشأ عن وجود أعداد كبيرة من اللاجئين ضمن حدودها.

<2>