إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) بيان الهيئة العربية العليا لفلسطين حول الأحداث التي طرأت على قضية فلسطين في العامين الأخيرين
"ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الإرشاد القومي، ج 2، ص 1357 - 1360"

         على أن قرارات مؤتمر القمة العربي الأول أصبحت سلسلة متصلة من التراجعات التي قلبت الخطة العربية الرسمية من موقف الهجوم التحريري إلى موقف الترقب الدفاعي مما أدى إلى انتقال زمام المبادرة من أيدي العرب إلى أيدي الأعداء.

         وقد جاء تحدي الصهيونيين العرب بعد أربعة أشهر فقط من انعقاد مؤتمر القمة العربي الأول حينما أعلنوا على الملأ إنجاز مشروعهم المائي ووصول المياه العربية المغتصبه إلى النقب. وكان الرد العربي الرسمي على هذا التحدي الفظيع صمتا مطبقا وتجاهلا تاما.

         وبعد أيام معدودات من هذا التحدي الذي هو في حقيقته وجوهره كارثة جديدة أصابت القضية الفلسطينية والشعب العربي الفلسطيني في الصميم كما أصابت الأمة العربية قاطبة أقيم في القدس مهرجان فلسطيني للتمويه. وصرف أبصار الفلسطينيين عن فظاعة الكارثة الجديدة اطلق عليه اسم " المؤتمر الوطني الفلسطيني الأول " تمخض عن كيان شكلي مصطنع لإلهاء الشعب بالعرض عن الجوهر وبالظواهر عن الحقائق وبالتوافه عن الإعداد الجدي لتحرير الوطن السليب وإيقاع الفرقة بين صفوفه بدلا من العمل على شعثه وشد أزر وحدته الوطنية.

         ثم تعاقبت التراجعات العربية الرسمية على مسرح القضية الفلسطينية فلم يتخذ مؤتمر القمة العربي الثاني أي إجراء عملي على مستوى خطورة اغتصاب المياه العربية ولم يقدم على تنفيذ قراره بمعاملة الدول الأجنبية على أساس مواقفها من قضية فلسطين واتضح ذلك التراجع في أزمة العلاقات العربية مع ألمانيا الغربية إذ اكتفت السياسة العربية الرسمية بقطع العلاقات الدبلوماسية معها وحدها وضربت صفحا عن تحدي الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وغيرها.

         وقد أدى هذا الاتجاه الجديد بالتخلي عن فكرة التحرير والعدول التدريجي عن تحويل روافد الأردن إلى ظهور ما هو أوضح من هذا الاتجاه وأصرح إذ صدرت تصريحات لبعض رؤساء الدول العربية تتضمن الدخول في مفاوضات مع الأعداء على أساس الأمر الواقع أو على أساس المطالبة بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين مما ينطوي على اعتراف بالوجود الصهيوني في فلسطين المحتلة.

         ثم وضعت السياسة العربية الرسمية على المحك عندما عقد مؤتمر رؤساء الحكومات العربية بالقاهرة في 26 أيار 1965 في أعقاب الاعتداءات الصهيونية على مشاريع التحويل في سورية وعلى بعض المواقع الأمامية في جنين وقلقيلية والشونة خلال انعقاده ومن المؤسف أن موقف هذا المؤتمر كان استمرارا للمواقف السابقة التي تميزت بالتخاذل والتراجع وعدم الجد فلم يأت بجديد سوى "مناشدة" الدولتين المتحيزتين بريطانيا والولايات المتحده الأمريكية ألا تخفي مساعداتهما المالية لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين.

         وجاءت الحلقة الأخيرة في سلسلة التراجعات العربية الرسمية واضحة في الخطاب الذي افتتح به المهرجان الفلسطيني الثاني بالقاهرة في 31 أيار 1965 الذي سموه "المؤتمر الفلسطيني الثاني" والذي تم فيه إعلان عجز الجامعة العربية ومؤتمري القمة والقيادة العربية الموحدة لا عن تحرير فلسطين فحسب بل حتى عن مجرد حماية

<2>