إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


   



بيان الهيئة العربية العليا لفلسطين بمناسبة الذكرى التاسعة عشرة لإحتلال فلسطين
المصدر: " الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1967، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت مج 3، ص 162 - 163 "

بيان الهيئة العربية العليا لفلسطين بمناسبة
الذكرى التاسعة عشرة لاحتلال فلسطين.

بيروت، 14 / 5 / 1967

( " فلسطين "، بيروت، حزيران 1967،
ص 15 )

         ذكرى 15 أيار من كل عام، هي ذكرى الكارثة الاليمة التي اضاعت فلسطين العربية، واعلنت قيام دولة البغي والعدوان " اسرائيل " على انقاض شعبها العربي، وعلى آيات مجدها الغابر، في صميم الوطن العربي.

         في هذا اليوم منذ تسعة عشر عاما أعلن العدو الصهيوني الغاصب قيام دولته على اساس البغي والعدوان، ودخلت جيوش الدول العربية لتسترد الوطن العربي وتطرد العدو الغاصب من أرض الوطن، وترده على أعقابه من حيث اتى، مذموما مدحورا، ولتبرهن على أن في السويداء رجالا، وانها تقرن القول بالعمل، وانها لن تفرط في فلسطين قلب العالم العربي، وفيها المسجد الاقصى القبلة الأولى، ومهد المسيح عليه السلام.

         لكن ما وقع كان العكس، فالعدو الغاصب هو الذي طرد العرب من ديارهم واحتل ثلاثة أرباع أرض فلسطين، وعجزت سبع دول عربية عن انقاذ الوطن المغصوب من قبضة العدو فحسب، بل عن منع هذا العدو من تهديد كل منها في عقر دارها، وتماديه في العدوان عليها، وتحديه لها كلما وجد إلى هذا التحدي سبيلا.

         ولسنا في مجال بيان أسباب هذا التردي في الوضع العربي، ولا القاء اللوم على جهة معينة، فالاسباب اصبحت واضحة لكل ذي بصر وبصيرة، واهمها تخاذل العرب وانقسامهم على انفسهم، وضعف القيادة السياسية فيهم، ورضوخ حكامهم لضغط السياسة الأجنبية وانقيادهم إلى توجيهها، وقلة تبصرهم في عواقب هذا الانقياد، وذلك الرضوخ، ثم في تركهم الميدان فسيحا مدة تسعة عشر عاما للعدو يوطد في فلسطين اقدامه، ويرسخ قواعد عدوانه، ويزود قواته بما يستمده من دول الاستعمار الكبرى الضالعة في عدوانه.

         ان العرب بانصرافهم إلى القول دون الفعل، والجدل دون العمل، و انقطاعهم للخصام دون الوئام، قد أضاعوا الفرصة التي سنحت لهم اول الامر، للقضاء على عدوهم قبل ان يصلب عوده، ويعظم شأنه، وكانت كل سنة تنقضي دون عمل حاسم منهم تزيد عدوهم قوة وتمكنا في ارض الوطن، برغم تفوقهم عليه في الكثرة العددية والموارد الطبيعية واحاطتهم به من كل جانب، ومع ذلك، وما يزال في ميدان العمل والجهاد متسع، وما يزال الامل في استئصال هذه الجرثومة السرطانية الصهيونية من جسم الأمة العربية بملأ صدور المؤمنين، وما يزال روح الفداء والبذل متغلغلا في نفوس الكثرة من هذه الامة.

         ولسنا نشك في ان هذا الانقسام الظاهر، والجفوة البادية بين بعض الدول والجماعات العربية، انما هي حالة مرضية عارضة لا بد من زوالها وعودة الامة إلى اكتساب صحتها وعافيتها بعد القضاء على عوامل المرض التي اقعدتها وحالت دون قيامها بواجبها في مناجزة الاعداء. ولن تغلب الأمة العربية من قلة، اذا ما قضى عقلاؤها واولو الامر فيها على عوامل الفساد والدمار التي ينشرها الاعداء وعملاؤهم بين حكوماتها وشعوبها و افرادها.

         وان الهيئة العربية العليا لفلسطين التي ما انفكت تدعو إلى وحدة هذه الأمة وتلاقي شعوبها وحكوماتها على سلامة الأهداف ونبذ الأحقاد والتجرد عن المطامع والاهواء في سبيل الصالح العام تكرر لهذه المناسبة الأليمة، دعوتها وتجدد رجاءها واملها في قرب زوال هذه الغياهب، وبزوغ شمس مستقبل أفضل لهذه الأمة تلتئم فيه جراحها الدامية، وتتحقق امالها الواسعة في استنفاذ فلسطين وتحرير الوطن العربي بأسره من الامراض الوبيلة التي تفتك فيه فتكا ذريعا، وهي امراض لا تنحصر في الإستعمار والصهيونية بل تأتى في مقدمتها الأمراض الأجتماعية والخلقية.


<1>