إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



( تابع ) الدراسة التي قدمتها الهيئة العربية العليا لفلسطين إلى الملوك والرؤساء العرب حول قرار مجلس الأمن
المصدر: " الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1967، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 3،ص 977 - 980 "

امرا واقعا نهائيا ومفروغا منه! أما الحدود المأمونة ومداها، فان امر تحديدها وإقرارها يعود إلى الأمم المتحدة وبالتالي إلى اليهود.

         هناك هدف اخر للمشروع البريطاني في الفقرة ( ب ) من المادة الأولى، وهو ضمان السلامة الدائمة للدولة اليهودية من ناحية، وغل ايدي العرب من ناحية اخرى عن القيام بأي عمل في المستقبل لاستعادة بلادهم. ويبدو هذا الهدف واضحا فيما نص عليه المشروع من " حق كل دولة ( القصد منها الدولة اليهودية ) في العيش ضمن حدود مأمونة ومعترف بها وحرة من التهديد او استخدام القوة ".

         فالقبول بهذا النص يحرم العرب في الحال والمستقبل من القيام بأي عمل لاستعادة وطنهم المغصوب. وفي حال القبول بالمشروع البريطاني وتنفيذه تصبح الدول العربية مرتبطة بميثاق دولي وتعهد عالمي لا تستطيع فكاكا منه ولا اخلالا به وإلا اعتبرت معتدية وخارجة على ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، ويصبح حتما على الأمم المتحدة وجميع دولها الأعضاء معاقبتها! ومما هو جدير بالذكر ان معظم الدول الأجنبية الأعضاء في الأمم المتحدة قد ناصرت اليهود على العرب في الحرب الأخيرة مع ان العرب كانوا معتدى عليهم ولم يكونوا معترفين بالدولة اليهودية، فماذا يكون موقف المنظمة الدولية عامة اذا ما اعترف العرب بالكيان اليهودي وحدوده ثم حاولوا التصدي له لاستعادة وطنهم وحقوقهم؟

         ان هذا النص وأهدافه تدحض حجة الذين ينادون بقبول الحل السلمي ويقولون ان العرب سيأخذون بعد ذلك اهبتهم ويتموا استعدادهم لجولة جديدة في ميدان تحرير فلسطين! فان مجرد القبول بالحل المسلمي يحرم العرب من حرية العمل، ويسقط حقهم في استعادة بلادهم المحتلة، كما ان انهاء حالة الحرب وعودة الأمن والسلام الى المنطقة يفقد العرب كل حوافز الاستعداد والتأهب، وهم الذين لم يستطيعوا ويا للاسف القيام بهذا الواجب في حالة الحرب التي امتدت عشرين عاما، كانت اعظم فرصة لليهود الذين استغلوها لزيادة عددهم، وإعداد قوتهم، وسيستغلون أمثالها من الفرص كلما مكنهم العرب من ذلك بتقاعسهم و تراخيهم عن الحزم في مناجزتهم.

         ولهذه المناسبة، فان الواجب يحتم علينا ان نصارح اولي البصائر وبعيدي النظر من العرب المسؤولين، بأن هذه المعركة قد فرضها الأعداء على العرب فرضا، وليس لهم فيها خيار مهما جنحوا للسلم وتساهلوا، فان لليهود خطة مرسومة لا يحيدون عنها باختيارهم، ولا يتساهلون في تنفيذها، وهي انشاء "مملكة اسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات"، كما صرح بذلك زعماؤهم وكما دلت عليه الخريطة التي عثر عليها الألمان في خزانة روتشيلد في مدينة فرانكفورت في الحرب العالمية الثانية، فقد اوضحت تلك الخريطة مدى خطورة المطامع اليهودية على الأقطار العربية والمقدسات الإسلامية وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك، ثم شمال الحجاز بما فيه المدينة المنورة وما حولها من مناطق كانت تقيم بها بعض القبائل اليهودية قبل اربعة عشر قرنا. فاليهود لا يكتفون بفلسطين فحسب وبما احتلو من الأراضي العربية، بل هم مصممون على التوسع البعيد المدى، فيما يسمونه " المجال الحيوي "، وعلى محق العروبة والإسلام في هذه البلاد وجعلها يهودية محضة كما صرح زعيمهم وايزمن بقوله: ( نريد فلسطين يهودية كما ان انكلترا انكليزية وفرنسا فرنسية ) ولذلك فان مطاولة اليهود والابتعاد عن مناجزتهم، والتساهل معهم، لا يزيدهم الا طمعا وجرأة في عدوانهم.

         ولذلك فليس للعرب، رغم ميلهم إلى السلاح والتسامح، امام تصميم اليهود على محقهم، في هذه المعركة التي فرضتها عليهم اليهودية العالمية والاستعمار الضالع معها بقسوة وحقد غشوم، الا الصمود فيها بعناد، ومقابلة العدو بتصميم واستبسال اشد، دفاعا عن حياتهم وكيانهم ومصيرهم ومقدساتهم، في كفاح جدي لا هوادة فيه ولو استمر عشرات السنين، وليس للعرب ولا للمسلمين من سبيل للنجاة والحياة الكريمة غير هذه السبيل. والمعركة الطويلة الأمد، الفسيحة المدى، تقضى على العدو قضاء مبرما، لما لدى العرب من وفرة في العدد والمال وسعة في الأرض تبتلع العدو، ومواقع استراتيجية وجغرافية، وعون أكيد من الأقطار الإسلامية والصديقة.

         والمشروع البريطاني، الذي يرمي إلى انتقاص حقوق العرب وسيادتهم على وطنهم، يطالب بأسلوبه الغامض الملتوي: " بضمان حرية الملاحة في الممرات المائية الدولية في المنطقة " وهو ما جاء في الفقرة ( أ ) من

<2>