إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) البيان الصحفي الأول الذي وجهته حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" إلى الصحافة الأجنبية
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1968، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 4، ص 54 - 56"

"فتح" أن تشن من الخارج تلك العمليات، التي استقبلها الفلسطينيون العرب بالتأييد المتحمس في كل العالم العربي. على كل حال فان حرب الأيام الستة بنتائجها المفجعة التي حلت بكل الشعب الفلسطيني، داخل وخارج اسرائيل، أوجدت له ظروفا جديدة في نضاله من أجل تحرير وطنه. ونظرا للحدود الجديدة التي تدعي اسرائيل حقها بها، وجد الفلسطينيون أنفسهم يواجهون عدوا صهيونيا مشتركا ضمن كل الحدود التي كانت تشكل في السابق أرض فلسطين. وبالإضافة إلى ذلك، فان عملية الإخضاع الفاشستية التي بدأت اسرائيل تنفيذها ضد السكان العرب قد ولدت حركة مقاومة شبيهة بحركة المقاومة الفيتنامية. ان هذه الثورة الشعبية ضد عملية الإخضاع تعترف بها اسرائيل نفسها، لأنه لا يمكن بعد اليوم تجاهل أو انكار شواهد هذه الثورة من قبل أي متحدث اسرائيلي.

         وبعد العدوان مباشرة بدأت "فتح"، سرا، تنظيم الشعب العربي في الأراضي المحتلة وشجعتهم على أن يكون لديهم الثقة بمقدرتهم على تحرير وطنهم. وبقيادة "فتح"، التي تمثل طليعة الشعب الفلسطيني، يقاوم هذا الشعب الآن عدوا متفوقا جدا من الناحية العسكرية، بكل الوسائل المتوفرة: اضرابات، عدم تعاون مع العدو، مقاطعة البضائع الإسرائيلية، رفض عمليات الإخضاع والضم، الخ. وكذلك، بالتعاون مع "فتح"، رفضت الشخصيات السياسية والدينية تنفيذ قوانين العدو، ورفض المعلمون اعادة فتح المدارس كما بقي الأولاد خارج الصفوف طالما تحتل هذه القوة المعادية أرضهم وتسيطر عليها. وأثناء فترة ما بعد العدوان هذه، صعدت العاصفة، الجناح المسلح لـ "فتح"، عملياتها العسكرية والتدميرية ضد التجهيزات الإسرائيلية بما فيها مخيمات ومخازن للجنود، مراكز للقوة الكهربائية وخطوط حديدية، للتأثير على اقتصاد العدو وأضعاف مقدرته على السيطرة على شعبنا. كما هاجم فدائيو "فتح" ورشات صناعية لإسرائيل، ومطابع ومراكز ادارية وكيبوتزات (تعاونيات) لها وظيفة عسكرية يتم انشاؤها الآن في الأراضي التي احتلت مؤخرا، مما أدى إلى احداث اصابات، ودمار كبير، وزيادة في التوتر داخل اسرائيل. لقد تحقق شعبنا انه اذا رفض العيش في العبودية فليس ثمة سبيل آخر غير المقاومة.

         ان اسرائيل، باحتلالها كل فلسطين، جعلت واحدا من أهم أهداف "فتح" البعيدة المدى ممكن التحقيق، ألا وهو نقل كل قواعدها العسكرية إلى داخل الوطن المحتل، وعملية النقل هذه قد تم انجازها الآن. ومن هذه القواعد المخفية والممونة بشكل جيد يقوم الفدائيون الفلسطينيون الذين هم في معظمهم فلاحون وطلاب متفرغون بعشرات العمليات يوميا في المناطق المحتلة قديما وحديثا. ولا يقع أي جزء من إسرائيل أو من التجهيزات والنقاط الإسرائيلية بعيدا عن متناول الفدائيين، وبالتالي فان على هذا النظام ان يتوقع تقطعا متكررا في سياق وجوده الكولونيالي في الأسابيع أو الأشهر المقبلة. وسيستمر هذا الإنهاك للوجود الإسرائيلي الصهيوني حتى تعود فلسطين لأصحابها الحقيقيين، الفلسطينيين العرب الذين عاشوا على أرضها جنبا الى جنب مع الأقلية اليهودية 4000 سنة دون انقطاع.

         وتود حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" ان تشير الى عملياتها - التي تتمتع اليوم بتأييد كل الشعب الفلسطيني - لا تستهدف الشعب اليهودي، كشعب يهودي، عاش الفلسطينيون معه بانسجام عدة قرون في الماضي، كما لا تنوي "فتح" ان "ترمي باليهود الى البحر". ان حركة المقاومة والتحرير التي تقوم "فتح" بتنسيقها موجهة فقط النظام الفاشستي- العسكري - الصهيوني الذي اغتصب أرضنا وطرد شعبنا وحكم عليه بحياة التشرد والبؤس.

         وترغب "فتح" أيضا أن تصحح بشكل نهائي التلميحات الصهيونية المستمرة بأن هذه الحركة "الإرهابية" تأخذ وحيها وتوجه أن الخارج من بلدان كسورية والأردن والجزائر. لكنه لا يمكن لأي "حركة" مفروضة من الخارج أن تستمر في البقاء لمدة طويلة في الظروف القائمة في الشرق الأوسط، لأن الشعب سرعان ما يرفضها. ومن جهة أخرى، فان حركة التحرير الشعبية الفلسطينية قد انبثقت من خيبة الفلسطينيين الكاملة، ومن تطلعاتهم الأصيلة الى،

<2>