إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


   



بيان سياسي أصدرته الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول الاعتداء الإسرائيلي على الأردن
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1968، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 4، ص 192 - 193"

بيان سياسي أصدرته الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول الاعتداء الإسرائيلي
على الأردن.

22 / 3 / 1968

 

(الحرية، العدد 405، بيروت،
25/ 3/ 1968، ص 2)

      تزداد وتتأكد كل يوم أهمية وحيوية الدور الذي يترتب على الشعب الفلسطيني أن يضطلع به في معركة تحرير فلسطين. هذا الدور الذي يكتسب عمقا وأصالة ورسوخا كلما تعاطف مع أوسع الجماهير العربية، وازداد التصاقا بها، وإيمانا بوحدة المصير القومي معها.

      لقد جاءت هزيمة حزيران (يونيو) لتؤكد من جديد على وحدة المصير العربي. كما أنها جاءت دليلا دامغاً على أن معركة تحرير فلسطين لا تخاض بمعزل عن الجماهير، وبمنأى عن قدراتها الخارقة على الصمود والصبر والتصميم.

      ومع ان الكفاح الفلسطيني المسلح قد واجه حتى الآن مصاعب متعددة، منها ما كان راجعا إلى خصوصية القضية الفلسطينية وطبيعة الخطر الذي تواجهه، ومنها ما كان راجعا إلى ظروف عربية شاذة تعيق انطلاق الكفاح المسلح إلى مداه، رغما عن كل هذه المصاعب فان الكفاح المسلح قد تسلق بثبات سلم التصاعد نحو مراحل التأثير الأقوى والافعل، وقد ساعده على ذلك الازدياد المطرد في عدد المقاتلين المنضوين تحت لوائه، والتحسن المستمر في سويتهم التكنيكية ومستواهم العلمي والفكري.

      لقد جاء العدوان الإسرائيلي الواسع على منطقة الأغوار صبيحة يوم الخميس 21 آذار (مارس) تتويجا لمرحلة من التوتر المشحون بالانذارات الإسرائيلية للأردن. فقبل بضعة أسابيع هاجمت قوات إسرائيل بوحشية وقسوة مخيمات النازحين وبعض القرى الواقعة قرب نهر الأردن. كان هدفها من ذلك الهجوم الوحشي الذي استهدف السكان المدنيين خلق حالة من الذعر ورد الفعل بين السكان تؤدي إلى "هوة" بين المقاتلين وبين الجماهير التي تلتف حولهم وتنتصر لهم.

      ولكن الهجوم الإسرائيلي الأول، وما رافقه من نشاط السفارة الأميركية في عمان وبعض العملاء المحسوبين عليها، لم يولد رد الفعل المرجو منه. وبعكس ما قدرت إسرائيل فان ضربتها الهمجية للمدنيين لم تفتت الصف الوطني في الأردن، كما أنها لم تتوصل لدفع السلطات إلى التصادم مع الجماهير. هذا التصادم الذي كانت إسرائيل وحلفاؤها تراهن عليه وتسعى الى حدوثه بمختلف الطرق والوسائل.

      وحين وقعت الضربة الأخيرة صبيحة الخميس الماضي فان يقظة المقاتلين الدائمة، وتلاحم صفوفهم، وتعاطفهم الأخوي والمتبادل مع أفراد ومراتب الجيش العربي الأردني كانت السد المنيع الذي اندحرت أمامه الغزوة الإسرائيلية بمنطقة الأغوار. وقد تكبدت إسرائيل خسائر في الأرواح والمعدات لا تتناسب مع الأهداف التي كانت تتوخى ضربها.

      لقد أعطى شعبنا في الأردن مثالا رائعا على الثبات والصمود إبان المعركة الأخيرة. وقد زاد هذا الثبات وذلك الصمود من عزيمة المقاتلين جميعا (من نظاميين وغير نظاميين)، وصهرهم في بوتقة الكفاح المشترك ضد العدو. ان الكفاح المسلح سائر في طريقه الصاعد، ولن تستطيع قوة على الأرض ان توقفه. وهو لا ترهبه تهديدات قادة إسرائيل الهستيرية، ولا تخيفه أساليب الجستابو التي راح الجيش الإسرائيلي يلجأ إليها في الأراضي المحتلة، وعلى الأخص في قطاع غزة حيث يجري يوميا نسف المنازل، وقتل الأبرياء، وتعذيب المئات من المواطنين العزل.

      وبفضل حرص جميع الأطراف المقاتلة على اللقاء، فان مقدارا وافرا من الإيجابية قد طرأ على العلاقات فيما بينها في الآونة الأخيرة، وذلك يفتح آفاقا أرحب للقاء والتعاون المثمر فيما بينها، ويدفع بقضية الكفاح المسلح قدما إلى الأمام.


<1>