إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) مشروع الحاخام صموئيل هلل ازاكس كما جاء فى كتاب "الحدود الحقيقية للأرض المقدسة"
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 219 - 227"

من هذه الآراء والنظريات لا يمكن القبول به. وعلى الرغم من استناد معظمها إلى نصوص دينية استقاها أصحابها من المصدر نفسه - اسفار يشوع والقضاة والتثنية وحزقيال في العهد القديم، مثلا - فان الحاخام ايزاكس يرد على الرأى السائد ("جبل هور = جبل حرمون") .. باستحضار النصوص المقدسة التى تتعارض معه وتناقضه. مع العلم بأن هذه النصوص لا تتفق أبدا وقطعا مع الرأى الذى يخطر له تبنيه. ولذلك نجده يلجأ إلى ما يعرف عند اليهود بـ "الطوسفتا" أو ملحق المشنا الذى جرى تنقيحه فى القرن الثالث فيزعم أن النص المذكور - كما استشهد به التلمود والترجوم الارامى - يأتى على ذكر ("طورى امانون" أى "جبال امانون" ثم يعين موقع جبل أومانيس والتسمية الاغريقية هى Mons Amanus على حد قوله) في مكان لا يرقى الشك إلى صحته: على خليج الاسكندرون ويسارع إلى الاعتراف بأن الجبال التى يتحدث عنها الآن لا تحمل اسما مشتركا فى الوقت الحاضر، مؤكدا أن سم "مانوس" قد ضاع. ولا يتردد فى ارجاع التغير الذى طرأ على الاسم إلى الفتح العربي لسوريا في القرن السابع للميلاد.

         ومما تجدر ملاحظته ان الحاخام ايزاكس لا يجد تناقضا بين مختلف النصوص الواردة في اسفار العهد القديم بصدد رقعة الارض الموعودة. بل يرد التباين في تعيين الحدود بجميع جهاتها إلى خطأ في تفسير النصوص ولايجد سبيلا إلى نكران الغموض الذى يكتنف معظمها، ويعتبر تغير الاسماء الجغرافية بمثابة سبب رئيسى يعلل به منشأ هذا التباين فى الآراء. وقد بلغ به التخمين حدا جعله ينحى باللائمة على جغرافية بطليموس وكتاب المجسطى فزعم انها بقيت كتب التدريس المتعارف عليها لدى الأجيال اللاحقة حتى مجىء كوبر نيكوس وحصول الاكتشافات البحرية الكبرى في القرن الخامس عشر وانتقد خريطة بطليموس لأنها وضعت سلسلتى جبال لبنان، الغربية والشرقية بعيدا عن حدود فلسطين، مما حال دون ضمهما في نطاق تخومها.

         أما تعيين ايزاكس للحدود الغربية: وفقا لما يعتبره التفسير الحرفى المتشدد للنص الذى يختاره من سفر العدد، فقد جا ء على الشكل الآتى:

          "يبتدىء عند الزاوية الجنوبية الشرقية من البحر الكبير، حيث ينحدر صوبه نهر مصر (وادى العريش) .. ثم يتجه شمالا فيمر بجبل الكرمل، وصور وصيدا، وجبال لبنان، الخ حتى يصل إلى الزاوية الشمالية الشرقية من خليج الاسكندرون".

         ولا غرو فقد اعتبر هذا التفسير "ترجمة حرفية" للنص الذى بين يديه وأعلنه خلوا من كل التباس وغموض. ثم قرر أنه يستحق القبول دون براهين اضافية. وأحال المستزيدين منا إلى ملحق كتابه ، حيت يريدنا أن نرى عجز جميع النظريين المار ذكرهم عن تعيين علامات الحدود الشمالية بشكل مقبول.

         والحدود الشمالية، كما يرسمها ايزاكس، تبدأ من اجتهاده فى تفسير تسمية "جبل هور" . فهذه العبارة مؤلفة من فكرة "جبل" واسم علم "هور" - مع العلم بأن لفظه "هور" العبرانية تعنى الجبل .. وماذا تعنيه اذن تسمية "جبل الجبل" أو "الجبل المزدوج" أو الجبل القائم على جبل؟ وهل من وجود لشىء اسمه "جبل هور"؟ هنا يلجأ الحاخام إلى نص من المدراش كمن يفسر الماء بعد الجهد بالماء ويصبح الجواب على سؤالنا: ما هو جبل الجبل؟ - (انه الجبل القائم على رأس جبل مثل تفاحة

<6>