إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) بيان "الجناح التقدمي" في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول تأسيس الجبهة الشعبية الديمقراطية
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1969، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 5، ص 64 - 68"

         ومنذ الأشهر الأولى لتشكيل الجبهة، اخذ الجناح التقدمي يناضل على طريق رفض البرنامج الذي فرضته القيادة اليمينية التقليدية، وطرح برنامجه الثوري المقابل الذي يتمثل فكريا بضرورة طرح دروس هزيمة حزيران (يونيو) على الجماهير والكشف "بالتحليل الملموس للواقع الفلسطيني والعربي الملموس" عن عوامل وأسباب هزيمة حزيران (يونيو) الكامنة في تكوين الأنظمة العربية الحاكمة الإقطاعية - البورجوازية، والأنظمة الوطنية البورجوازية الصغيرة التي سقطت وهزمت برامجها السياسية والعسكرية والاقتصادية في 5 حزيران (يونيو)، وضرورة الكشف عن العوامل التي قادت حركة التحرر الوطني الفلسطينية والعربية إلى الهزيمة بحكم تكوينها البورجوازي الصغير، العاجز عن قيادة الثورة الوطنية الديمقراطية في بلادنا، وضرورة وضع شعار "عدم التدخل بالأوضاع العربية في حجمه الحقيقي بالتدخل بكل ما يمس القضية الفلسطينية من طرف الأوضاع العربية". وتمثل البرنامج السياسي التقدمي برفض ركوب اليمين الفلسطيني ظهر المقاومة، وبشكل خاص ظهر الجبهة الشعبية، والعمل على تشكيل "جبهة وطنية عريضة تضم كافة القوى الطبقية والسياسية الفلسطينية المقاتلة والمناضلة في ظل قيادة الفصائل المقاتلة، وممارسة سياسة وطنية جذرية تجاه جميع ما يمس قضية بلدنا فلسطينيا وعربيا ودوليا. وتنظيميا، تمثل الموقف التقدمي برفض وضع قيادة الجبهة بيد العناصر الرأسمالية والبورجوازية الكبيرة، ورفض  وضع قيادة "حركة القوميين العرب" بيد عناصر رأسمالية يمينية وعناصر مهترئة متخلفة كشفت عن إفلاسها الكامل بانهيارات عام 1966. وعسكريا، طالب الجناح التقدمي بالعمل على تحويل "كل مقاتل إلى سياسي ثوري، وكل تنظيمات الجبهة إلى كتائب ميليشيا شعبية تمارس دورها الثوري في حماية العمل الفدائي والقتال ضد احتمالات الغزو الصهيوني للضفة الشرقية".

         وقد برز الصدام المبكر بين الجناحين في "مؤتمر نيسان (أبريل) 1968"، حيث انقلب اليمين على نتائجه الفكرية والسياسية والتنظيمية والعسكرية، مما دفع بالأزمة إلى انشقاق عملي غير معلن بين الجناح اليميني المتخلف وبين الجناح التقدمي النامي في صفوف الحركة والجبهة. وبدلا من أن يلتزم اليمين بنتائج نيسان (أبريل) 68، فقد مارس عمليا سياسة انشقاقية ختمها في 15 تموز (يوليو) 68 بحملة اعتقالات للإطارات التقدمية الأساسية، ولكن الجناح التقدمي مارس سياسة "ضبط نفس وطنية"، وطالب بعقد مؤتمر ديمقراطي لحسم التناقضات بين الجناحين.

مؤتمر آب (أغسطس) 1968 وبرامج الجناح التقدمي
          لقد جاء مؤتمر آب (أغسطس) ليشكل علامة فارقة تاريخية في الصراع الفكري والسياسي والتنظيمي القائم بين جناحي الجبهة، فقد تقدم الجناح اليساري بمجموعة الوثائق التي شكلت مادة المؤتمر وجدول أعماله، وخاض اليسار معركته الأيديولوجية والسياسية  مع اليمين داخل المؤتمر، وتقدم ببرنامج عمل للخلاص الوطني، فكري وسياسي وتنظيمي وعسكري. ورغم كل محاولات اليمين الفاشي - المدعوم بالتخلف ومراكز القوى - الذي شن حملة استفزاز دائمة على النهج اليساري والبرامج الثورية المطروحة، إلا أن الجناح التقدمي الذي تمتع بأغلبية ساحقة في المؤتمر صمد لكل الاستفزازات اليمينية إلى أن انتهى مؤتمر آب (أغسطس) إلى إعلان انحيازه بأغلبية ساحقة للبرنامج الفكري البروليتارى المطروح ولكل برنامج الخلاص الوطني الذي طرحه الجناح اليساري في المؤتمر، ولحقت باليمين هزيمة فكرية وسياسية وتنظيمية كاملة. وأمام إفلاس اليمين، انحنى لبرنامج اليسار انحناءه لفظية ليوافق على كل ما طرحه الفريق اليساري نظريا ثم يرفضه عمليا من خلال الممارسة اليومية بدءا منذ اليوم الأخير للمؤتمر وحتى هذه اللحظات.

          إن اليمين الفاشي يحاول عبثا التمسح بمؤتمر آب (أغسطس) 1968، وادعاء الولاء له بلغة يسارية لفظية، كما جاء في بيانه بتاريخ 9/2/ 69، بعد ان لجأ اليمين إلى قوة السلاح منذ 28/1/69 لحل التناقضات القائمة بين جناحي الجبهة في محاولة لخداع الجماهير والأعضاء وكل مقاتل شريف وعدم كشف أوراقه النظرية اليمينية على حقيقتها، بعد ان كشفته ممارساته العملية على امتداد تاريخه الفكري والسياسي طيلة السنوات الماضية، وتحديدا منذ أن تشكلت الجبهة حتى الآن.

         لقد انتهى مؤتمر آب (أغسطس) إلى سلسلة نتائج نظرية وسياسية وعسكرية وتنظيمية شكلت برنامج الخلاص الوطني الذي طرحه يسار الجبهة الشعبية على المؤتمر في الوقت الذي كان اليمين - الذي يدعي اليوم تمسحه بقرارات آب (أغسطس) - غارقا حتى أذنيه بسلسلة ممارسات يمينية أدانها المؤتمر إدانة كاملة وأدان القيادة اليمينية إدانة كاملة ممثلة برموزها البشرية: حورج حبش، حمد الفرحان، وديع حداد.
         إن الالتجاء للمغالطات التاريخية والفكرية لن تنفع اليمين الفاشي، وممارسة سياسة الخداع والتضليل للجماهير وللمقاتلين لن تطول كثيرا، وتقرير مؤتمر آب (أغسطس) الذي تقدم به الجناح التقدمي وصاغه الجناح التقدمي كفيل بفضح زيف اليمين وادعاءاته.

         لقد انتهى - مؤتمر آب (أغسطس) إلى جملة نتائج أساسية وتاريخية بالنسبة للجبهة ولحركة المقاومة الفلسطينية عموما. لقد انتهى تقرير المؤتمر في القسم الأول إلى الكشف عن قوانين التحرر الوطني والثورة الوطنية الديمقراطية في البلدان المتخلفة، وعلى رأسها "ان حركة البورجوازية الصغيرة غير مؤهلة لتحقيق مهمات التحرر الوطني"، وبان الطبقات المؤهلة لقيادة حركة التحرر الوطني وتحقيق مهماتها هي طبقة العمال وطبقة الفلاحين الفقراء المسلحة بالفكر الثوري الدائم، فكر الطبقة العاملة في ظل تحالف طبقي عريض يضم شرائح بورجوازية صغيرة، وقطاعا من البورجوازية الوطنية والمثقفين الثوريين. "تقرير مؤتمر آب (أغسطس)، القسم الأول - ص 11، القسم الثاني - ص 22".

         كما انتهى تقرير المؤتمر إلى نتيجة بارزة مؤداها "ان الطبقات المؤهلة تاريخيا لحل مشكلات التحرر

<2>