إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


       



برنامج الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين لإقامة جبهة وطنية موحدة
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1969، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 5، ص 367 - 376"

برنامج الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين
لإقامة جبهة وطنية موحدة.

 

 

(الحرية، العدد 479، بيروت،
1/9/1969، ص 10)

 

مقدمة:
         تأتي مسألة وحدة القوى الوطنية المقاتلة على رأس المسائل التي تهم حركة المقاومة في هذه المرحلة. ففي الفترة التي تشتد فيها أخطار تصفية الحركة الوطنية الفلسطينية، وتتزايد فيها محاولات إخضاع الحركة الوطنية في المنطقة العربية لمخططات وشروط الإمبريالية  والصهيونية، تصبح وحدة كل القوى الوطنية المقاتلة ضد كل أولئك الأعداء ضرورة تاريخية ملحة وهامة بشكل سريع وفوري.

         وإذا كانت الجبهة الشعبية الديمقراطية تطرح بإلحاح ضرورة لقاء كل القوى الوطنية المقابلة وتوحيد نضالها وتنسيق سياستها، فإننا ننطلق من الأهمية التاريخية لوحدة كل الوطنيين أعداء الاستعمار والصهيونية والرجعية، وكل الوطنيين الذين لهم مصلحة في تحرير وطنهم تحريرا كاملا. فقد أثبت التاريخ ان تحرير بلد مستعمر ويعيش في حالة شديدة من التخلف لا يمكن ان يتم إلا من خلال شروط متعددة، أهمها توحيد كل الفئات والطبقات الوطنية من بين صفوف هذا الشعب، من خلال تحقيق تنظيم شامل وواسع لهذه الفئات الوطنية، ومن خلال تحقيق حرب شعبية طويلة الأمد ضد المستعمر من أجل دحره على الأمد البعيد وتحطيم كل آلة حربه الجبارة وجيوشه النظامية المدربة، بواسطة الملايين من الجماهير الوطنية والمناضلة. ان هذا الحكم التاريخي يفترض أساسا وحدة كل القوى والفئات الوطنية أمام عدوها الرئيسي من أجل إسقاطه ودحره إلى الأبد.

         وفي بلادنا، فقد شقت حركة المقاومة طريقها بعد حزيران (يونيو) 1967، في محاولة من اجل تطوير عملها الفدائي إلى حرب عصابات داخل المنطقة المحتلة. والتفت جماهير واسعة حول العمل الفدائي، ولكن دون أن تنظم بشكل يضمن مساهمتها الفعالة في المعركة، ودون أن يساهم العمل الفدائي في رفع درجة وعيها السياسي حتى تصبح كل جماهير الشعب قوة متماسكة ومقاتلة ومدركة لطريق تحرير وطنها، وحتى يتحول العمل الفدائي ويتطور إلى حرب تحرير شعبية كنتيجة لذلك. كما ان واقع حركة المقاومة الراهن مليء بالتناقضات والصراعات الذاتية، ويعاني من حالة التبعثر والتشتت دون ان تلتقي مجموع القوى الوطنية على برنامج وطني عريض رغم كل تناقضاتها حتى تتمكن هذه القوى من تنسيق وتطوير نضالها، بينما تقف الأنظمة الرجعية في صف موحد وفي حالة تحفز لضرب حركة المقاومة من خلال التضييق عليها وتطويقها ومن ثم احتوائها على طريق تصفيتها نهائيا. ويدفع الأنظمة الرجعية في ذلك حرصها على تحقيق التصفية السلمية للقضية الوطنية، بعد ان سقطت في مأزق جديد وخطير على اثر هزيمة حزيران (يونيو)، مما خلق حالة ثورية نامية في المنطقة تخشى هذه الأنظمة ان تطحنها في مسيرتها، فلا تجد القوى الرجعية أمامها سوى التسول على أبواب السادة الإمبرياليين من أجل أن يسرعوا في تصفية الحركة الوطنية لحسابهم وحساب الحركة الصهيونية وبقاء الأنظمة الرجعية. ومن هنا، فإن تخبط الأنظمة الرجعية وإسراعها الملهوف من أجل تنفيذ مخططات ضرب حركة المقاومة ناشئ عن فزعها أمام تنامي الحركة الثورية المسلحة التي ستفتح الأبواب أمام تغيير نوعي في مضمون وأشكال النضال التي تتخذها حركة التحرر الوطني في بلادنا. وتقف الأنظمة العربية المتقدمة التي هزمت في حزيران (يونيو) عاجزة عن تطوير أوضاعها جذريا من اجل الرد على الهزيمة لتسليح الشعب وتنظيمه وإطلاق الحرية السياسية للجماهير العاملة وعسكرة اقتصادها وقطع صلاتها الاقتصادية والسياسية بمعسكر الإمبريالية. ومن هنا تقف في موقع التردد في تأييدها لحركة المقاومة. فمع ان هذه الأنظمة تطمح إلى تحقيق التصفية السلمية حتى تتخلص من ورطة حزيران (يونيو)، إلا انها ترى في حركة المقاومة ورقة رابحة من أجل الضغط على إسرائيل والإمبريالية لكي يقدما تنازلات جزئية تفتح الطريق لتنفيذ التصفية السلمية. ومن هنا ترى هذه الأنظمة ضرورة ان تظل حركة المقاومة خاضعة بشكل أو بآخر لنفوذها وسياستها، فتعمل على زرع التنظيمات الوهمية والمصطنعة داخلها حتى تتمثل هذه التنظيمات بـ "مسمار جحا" الذي يمكن تلك الأنظمة من تحديد سياسة حركة المقاومة والمدى الذي يمكن ان تصله المقاومة. فهذه الأنظمة ترغب أن تخدم حركة المقاومة سياستها التصفوية للحركة الوطنية، وألا تتجاوز المقاومة برنامج هذه الأنظمة الذي لا يخرج عن كونه برنامج "إنقاذ ما يمكن إنقاذه". وما تريد إنقاذه في النهاية هو استمرار هذه الأنظمة بقياداتها والفئات المسيطرة فيها، حتى لو كان ثمن ذلك استمرار خضوع المنطقة لنفوذ ومصالح الإمبريالية.

         وعلى النطاق العالمي، يزداد صراع الإمبريالية بقيادة الولايات المتحدة من اجل الإبقاء على مناطق نفوذها وسيطرتها الواسعة على البلدان المتخلفة. وتعمل الإمبريالية بشراسة من أجل تصفية الحركة الوطنية العربية، مستخدمة بذلك إسرائيل والموقع المتميز

<1>