إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) برنامج الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين لإقامة جبهة وطنية موحدة
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1969، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 5، ص 367 - 376"

والمنتصر الذي مثلته بعد حزيران (يونيو). وتحاول الإمبريالية في هذه المرحلة ان تصل إلى إخضاع الحركة الوطنية واستسلامها من خلال بذل المزيد من الضغوط على الأنظمة المتقدمة ومن خلال إصرارها العنيد على أن تقدم هذه الأنظمة التنازلات وراء التنازلات لتنفيذ "الحل السلمي" للصراع الناشئ في المنطقة. وتدرك الإمبريالية ان هذه الضغوط سوف تثمر في النهاية ما دامت هذه الأنظمة ببرامجها الراهنة وسياستها المترجرجة والمتذبذبة قائمة على ما هي عليه. وتساهم عدد من الدول الاشتراكية بمواقفها الخاطئة من قضية التحرر الوطني العربية وانتهاجها لسياسة حل الصراع مع الإمبريالية وإسرائيل "سلميا" مع استمرار موقفها الخاطئ من القضية الفلسطينية والحركة الوطنية الفلسطينية، تساهم في ازدياد شراسة الموقف الإمبريالي وتصاعد هجومه من أجل إخضاع ومن ثم تصفية حركة التحرر العربية.

         ان المواقف الخاطئة لهذه الدول الاشتراكية لا تضعها في صف واحد مع الإمبريالية الأميركية، كما تحاول بعض الدوائر الرجعية الفلسطينية ان تؤكد، ونقدنا لهذه المواقف الخاطئة ليس شبيها على الإطلاق بهجومنا السياسي والفكري والمسلح ضد الإمبريالية عدوة الشعوب رقم واحد في هذا العالم.

         أمام هذه الأوضاع التي تهدد مستقبل حركة التحرر الوطني العربية والحركة الوطنية الفلسطينية، فان حركة المقاومة تستمر في انتهاج سياسة ليست في مستوى المرحلة الراهنة. فرغم الرفض العام والباهت الذي تقدمه حركة المقاومة لكل مشاريع التصفية، والمحاولات الجادة على هذا الطريق، فإن حركة المقاومة لا تقف لتنتقد يوميا كل محاولة وكل موقف سياسي وعملي لتحقيق التصفية السلمية. وتظل حركة المقاومة في سياستها وممارستها بين صفوف الجماهير غير معتمدة على الحشد والتعبئة السياسية والجذرية واليومية للجماهير ضد دعاة التصفية وكل مشاريعهم المشبوهة. فرغم استمرار محاولات تطويق وضرب حركة المقاومة فلم تظهر حتى الآن أية استعدادات جذرية أو مخططات عملية موحدة بين تنظيمات المقاومة لحمايتها ومنع إجهاضها وطعنها من الخلف. كما أن الجماهير، درع المقاومة الوحيد، لا يزال ينقصها التنظيم والإعداد السياسي حتى تتلمس مؤامرات أعداء الحركة الوطنية وحتى تستعد لمجابهتها عند البدء في محاولة التصفية الدموية لحركة المقاومة. ومع كل هذا، فان الخطوة الأساسية التي تمكن حركة المقاومة من مواجهة كل هذه المؤامرات لم تتم بعد. ان تحقيق وحدة القوى الوطنية في جبهة وطنية تضم بين صفوفها كل القوى الممثلة للفئات الوطنية لتنسيق برامجها وعملها في برنامج وطني واحد، ومن خلال علاقات متكافئة تضمن استمرار وحدة هذه الجبهة وعدم بروز التناقضات الذاتية على حساب وحدة الحركة الوطنية وكفاحها المسلح، ان هذه الخطوة لم تتم بعد رغم انها الرد العملي الرئيسي على كل تلك الأخطار التي تواجه الحركة الوطنية. لقد عاشت الحركة الوطنية الفلسطينية حالة من التمزق والتبعثر، ولم تكن هذه الحالة ناشئة عن النوايا الشخصية لهذا الفرد أو ذاك أو النوايا الذاتية لهذا التنظيم أو ذاك، بل كانت ناشئة عن مجموعة عوامل أساسية أهمها:
         1 - إن الشعب الفلسطيني كأي شعب آخر، يشهد تناقضات بين طبقاته وفئاته المختلفة، وكل التنظيمات الفلسطينية التي قامت كانت تعبر عن تركيب ومصلحة وطموح وبرنامج كل فئة. وقد أكد التاريخ الفلسطيني سقوط وفشل برامج الطبقات الإقطاعية والبورجوازية الكبيرة وخيانة قطاع منها للقضية الوطنية، كما أكد هذا التاريخ ظهور فئات وطبقات جديدة وطنية بدأت تعبر عن نفسها في عدد من الأحزاب والتنظيمات الوطنية.

         ولقد لعبت الطبقات الوسطى، بكل فئاتها، دورا أساسيا في تكوين هذه التنظيمات التي كان تعددها ناشئا عن عدم وحدة مصلحة كل فئات هذه الطبقة وانسجامها. كما ان تركز قطاع رئيسي من الشعب الفلسطيني في الأردن وتوزع قطاعات أخرى في العديد من البلدان العربية جعل المهمات المباشرة أمام كل تجمع فلسطيني تختلف عن الأخرى مما جعل الفئات الاجتماعية وتنظيماتها السياسية تظهر على أساس مصلحة كل فئة في البلد الذي تعيش فيه، وتكيفت هذه السياسة على ضوء الواقع الاقتصادي والثقافي والسياسي الذي يعيشه هذا البلد أو ذاك الذي يوجد فيه فلسطينيون.

         من الطبيعي أن كل طبقة من طبقات الشعب تبني لنفسها تنظيما سياسيا يدافع عن برنامجها ومصالحها، كما انه من الطبيعي أن تتبنى كل فئة من الفئات ضمن الطبقة الواحدة تنظيما خاصا بها. ومع ضرورة وعينا لهذه الحقيقة، إلا أن هذا الوعي يدفع أساسا إلى التأكيد على ضرورة وحدة كل الفئات الوطنية والتزامها ببرنامج للتحرير الوطني، لان التحرير الوطني يحقق أهدافها ولا يتنافى معها في هذه المرحلة.

         2 - ان الارتباط بين الواقع الفلسطيني والواقع العربي هو حقيقة تاريخية، فقد كان هناك تاريخيا تأثر وتأثير متبادل بين الواقعين.

         لقد كانت الأنظمة الإقطاعية العربية تدعو إلى وحدة القوى السياسية الفلسطينية عندما تكون هذه الوحدة في خدمة إبقاء حلفائها من القيادات الإقطاعية الفلسطينية

<2>