إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) بيان اللجنة السياسية العليا لشؤون الفلسطينيين في لبنان حول الحوادث الأخيرة في البلد

المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 6، ص 190 - 193ا"

  • الاشارة الثانية:

         وانتقلت المؤامرة إلى مرحلة ثانية، استعمل فيها العدو المتآمر داخل السلطة سلاحا أكثر خبثا ودهاء، عندما لجأ إلى بعض العناصر العميلة التي كان قد زرعها داخل حركة المقاومة وحولها ليستعملها في الوقت المناسب.

         من هذه العناصر المشبوهة مجموعة من مهربي الحشيش والهيرويين والسجاير الذين كانوا يتاجرون بمخدراتهم في حماية بعض أجهزة الدولة، ويعرفون بجماعة "أبو أحمد ستيتيه".

         والجدير بالذكر ان حركة المقاومة كانت في إحدى جلساتها مع المسؤولين اللبنانيين قد طلبت من الدولة تصفية هذه المجموعة ومعاقبتها، بل وأبدت كل استعداد لتسهيل مهمة رجال الجيش والدرك أثناء عملية التصفية هذه. ولكن السلطات لم تتحرك، لأن هناك من لا يريد مثل هذا التحرك حماية لهذه المجموعة العميلة.

         وفي يوم الثلاثاء 24/3، وبينما كانت قيادة حركة المقاومة مجتمعة في مقر قيادة الكفاح المسلح لتقرير موقفها من السلطات حول جريمة بنت جبيل، فوجئت مجموعة من رجال الكفاح المسلح بعصابة أبو أحمد ستيتيه وهي تتصدى لها وتحول دون قيامها بواجبها. وفي بداية الأمر ظنت قيادة الكفاح المسلح أن المشكلة عابرة وانه من الممكن ضبطها. غير انه اتضح فيما بعد ان تحرش رجال هذه العصابة الحقيرة برجال الكفاح المسلح كان يستهدف استدراج كل الكفاح المسلح لمعركة مدبرة سلفا.

         وبالفعل استدرج الكفاح المسلح لهذا الفخ ووجدت عناصره نفسها مطوقة بالسلاح من اسطحة المباني وأخذ الرصاص ينهال عليهم كالمطر. ولولا شجاعة الضابط البطل الشهيد سعيد الغواش لوقع المئات من الضحايا الأبرياء والفدائيين الشرفاء.

         ولما تم اقتحام وكر العصابة عثر فيه على عشرات الرشاشات وصناديق الذخيرة وكميات كبيرة من الحشيش، وآلة لطحن الهيرويين، ثم جهاز للإرسال والاستقبال وبعض الأوراق التي قد تكشف انه كان لهذه العصابة علاقات مشبوهة على مستوى أوسع ومع إسرائيل بالذات.

         وبدلا من أن تتقدم السلطات اللبنانية بتهنئة حركة المقاومة وقيادة الكفاح المسلح، فمن العجيب والغريب ان عناصر عديدة في السلطة اتصلت لحماية هذه العصابة ومساندتها مما يثبت ان هذه العصابة لم تكن موجودة على جانب العمل الفلسطيني من قبيل الصدفة. وانما كانت مزروعة عن قصد وفي سبيل خدمة مخطط معروف.

          كذلك فان العناصر المتآمرة في السلطة اللبنانية ما تزال مستمرة في إثارة هذا الموضوع واستغلاله عن طريق نشر إشاعات كاذبة بأن الكفاح المسلح لا يزال يلاحق العديد ممن كانوا على علاقة بهذه العصابة بقصد إرهاب الناس واجبار البعض على التعامل مع هذه العناصر وحمل السلاح معها ضد الثورة كما حدث في عرب المسلخ.

         كما عمدت بعض العناصر المتآمرة في السلطة بكل وقاحة إلى الادعاء الكاذب بأن تصفية هذا الوكر الموبوء كانت بسبب خلاف حول شحنة أسلحة، وكأن حركة المقاومة التي تتصدى لإسرائيل بحاجة إلى مثل هذا النوع من البشر لتزويدها بالسلاح.

         ويهم حركة المقاومة بهذه المناسبة ان توجه عناية الجماهير إلى حقيقة راسخة وهي أن الحركة ليست مهمتها ملاحقة تجارة المخدرات في لبنان ومن يتعاملون بها، فهذه مهمة الحكومة وقوى الأمن فيها، ولكنها ترفض في الوقت ذاته لأي انسان ان يستعمل اللباس الفدائي أو سلاحه تمويها لمثل هذه التجارة أو غيرها من أنواع المتاجرات الرخيصة. كما يهم حركة المقاومة ان تكشف بهذه المناسبة زيف بعض الأشخاص الذين يدعون صداقتها. واذا بهم وقت التجربة ينكشفون في مواقع الثورة المضادة ومع الأجهزة المتآمرة عليها.

  • الإشارة الثالثة:

         ان العناصر المتآمرة في السلطة وقد أذهلتها الضربة الساحقة التي وجهتها حركة المقاومة لعصابتها المدسوسة على العمل الفدائي، فقدت صوابها واضمرت اللجوء إلى المرحلة الثالثة من المؤامرة، واختارت الطائفية لها سلاحا.

         ففي صباح 25/3، وبساعات قليلة قبل توجه موكب الشهيد الغواش إلى عمان عن طريق البر، أوعزت العناصر المتآمرة في السلطة إلى بعض عملائها وبعض المضللين والمندسين من رجال حزب الكتائب للذهاب إلى الكحالة والتحرش بموكب الشهيد.

          وهكذا صار، ووقعت الجريمة البشعة في ذهاب الوفد المشيع لجثمان الشهيد وفي عودته، مما انزل بالفدائيين عددا كبيرا من الضحايا كان كافيا - لولا وعي الفدائيين وضبطهم لأعصابهم - لاحداث معركة دامية ماحقة في هذه البلدة، بل وفي لبنان بأسره.

          ومرة أخرى يفشل المتآمرون، عندما تحرك أهل الكحالة على الفور ليعلنوا براءتهم مها جرى واعتذارهم للدم الزكي الذي أريق غدرا ولؤما، وليجدوا في نفس الوقت رحابة

<2>