إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


       



(تابع) بيان لمنظمة فلسطين العربية حول موقفها الرسمي من شعار "الدولة الديمقراطية"
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت مج 6، ص 210- 211"

          وشعار الدولة الفلسطينية لا يمكن الا ان يكون شعارا أساسيا، لأنه يتناول هدف الثورة الأساسي والهدف النضالي للحركات التي ترفعه، ومن الوقت الذي رفع فيه هذا الشعار حتى الآن، وبالتركيز عليه، بدأ يتحول النقاش والحوار من هدف التحرير إلى هدف اقامة الدولة الفلسطينية.

          فكيف نقبل أو نبرر شعارا تكتيكيا لا يذكر عروبة فلسطين ولا يذكر صفة مستقبلها العربي ولا حتى هويتها الاجتماعية، في حين ان من الاهداف الاساسية للتحرير اعادة فلسطين عربية حرة. فهل نرفع بذلك شعارين متناقضين احدهما "دولة فلسطينية" ديمقراطية أو اتحادية واحدهما عاشت فلسطين حرة عربية؟ وما تعريف ومعنى عربية في هذا الشعار الأخير اذا نزعنا صفة العروبة عن الدولة المنشودة؟

          وكيف تميز جماهيرنا هذا الهدف - هدف اقامة الدولة الفلسطينية الديمقراطية - عن هدف بورقيبة باقامة الكيان الفلسطيني الذي لا علاقة له بالواقع العربي الا علاقة الجوار من دعم ومساندة؟

          ان أي شعار أساسي يربك الاهداف، ويربك مسيرة النضال، ويخلق مجالا واسعا لتفسيرات متناقضة، يصبح شعارا خطيرا على حساب وحدة النضال نحو الاهداف العامة. ان هذا الشعار - شعار الدولة - بدأ يعطي تفسيرات مصدرها وسببها راجع لدعم الدول العربية المشبوهة لهذا الشعار، حتى جاء تصريح شارل الحلو مؤخرا داعيا فيه إلى اقامة دولة فلسطينية شبيهة بدولة لبنان العنصرية، وتبعه في ذلك جناح الشباب في حزب الاحرار البريطاني حين تبنى فكرة الدولة الديمقراطية.

          كما ان تفسيرات هذا الشعار لدى الرأي العام الدولي ليست ايجابية في جميع جوانبها، فبدأ يفسر النضال الفلسطيني وكأنه صراع بين عناصر مختلفة أو طوائف مختلفة على أرض فلسطين، وذلك التفسير يطمس حقيقة مطامح وأهداف الوجود الاسرائيلي الاستعماري على أرض فلسطين. وبدأت القوى المعادية تلعب دورا في اضفاء رائحة التسوية والاقليمية على هذا الشعار حتى انها بدأت تتحدث عن دستور الدولة المقترحة وشكل وزارتها وعلاقتها مع الضفة الشرقية للاردن وحدودها وكيفية اخراج هذه الدولة كأمر واقع وثبوت مرحلي وطني.

          من هنا فاننا نقول - للذين يرفعون هذا الشعار تكتيكيا - انه شعار خاطئ وخطير مسيء إلى الاهداف العامة للنضال الفلسطيني، وان هذا الشعار يمكن استغلاله لخدمة خلق كيان فلسطيني كأحد الكيانات العربية المجزأة الموجودة، وليس كيانا طليعيا للتحرير يشكل جزءا من الثورة العربية الشاملة.

          لا بد ان يسبق هذا الشعار والشعارات الاساسية تعريف واضح لا لبس فيه لتصور المعركة والتحرير وبتحديد دور الكيان الفلسطيني المقاتل - وليس الكيان الدولة - في المعركة العربية من أجل التحرير والوحدة، فيجب أن يسبق شعار الدولة - ان جاز - شعار التحرير.

          ان الاستعمار والصهيونية يتحملون المسؤولية الاولى في مصير من جلبوهم من كل أقطار الدنيا تحت دعاوى مضللة ليحاربوا الأمة العربية ويعرقلوا مسيرتها نحو الحرية والاشتراكية والوحدة، وهؤلاء مسؤولون عن طرد الشعب العربي الفلسطيني من أرضه، وتشريده بعيدا عن وطنه، ولا يتحمل شعب فلسطين مسؤولية نتائج دفاعه عن أرضه واسترداده لها لانه هو نفسه سيدفع في سبيل ذلك مزيدا من الدماء والدموع والتشريد. لماذا نتراجع - تكتيكيا - عن عروبة فلسطين وعن هدف التحرير كشعار لهدفين أساسيين؟ ولسنا مسؤولين عن هذه المعركة التي فرضها الاستعمار والصهيونية علينا، وعانينا وعانى الشعب العربي وسنعاني منها الكثير. لماذا نرفع شعارا يصور الصراع كأنه صراع بين طوائف مسلمين ومسيحيين ويهود؟ أي فائدة اعلامية من هذا الشعار؟ وكذلك فان علينا أن نكون حذرين من التورط في شعارات خاطئة تشوه تاريخ نضالنا وحقيقة قضيتنا فتنطلي علينا الدعايات الماكرة التي يروجها العدو عن الشعب العربي بشكل عام والشعب الفلسطيني بشكل خاص، اذ انهم يضعون العرب في دعاياتهم بأنهم شعوب متوحشة متخلفة قبلية متعصبة دينيا وهذا - برأيهم - سبب نشأة القضية الفلسطينية ووجود اسرائيل.

          فحين نتحدث عن الدولة الديمقراطية لتعايش عنصرى أو ديني نقر بالاستنتاج ما يروجه العدو عن حقيقة الصراع في المنطقة بأنه صراع بين شعوب تعيش على أرض واحدة مختلفة القوميات أو مختلفة المذاهب ويفصل بينهما حاجز حضاري، ويفترض هذا الاقتراح - لاقامة الدولة - اننا ارتقينا أو في سبيلنا للارتقاء انسانيا وحضاريا وذلك بدء يمكننا من التعايش مع الاجناس أو الاديان الاخرى في دولة واحدة.

          ان أي حل للقضية، سواء بدولة فلسطينية ديمقراطية علمانية أو اتحادية أو كيان فلسطيني، بمعزل عن تحديد طبيعة هوية الدولة، بمعزل عن ارتباطه بالنضال القومي لحركة الثورة العربية والمستقبل العربي، انما هو جزء من سياسة أقلمة القضية وعزلها عن حركة الثورة العربية، ستظل جماهيرنا ترفضه.


<2>