إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


       



التقرير العسكري الذي أعدته اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي العربي وقدمته إلى المؤتمر القومي
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 6، ص 577 - 579"

التقرير العسكري الذي أعدته اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي العربي وقدمته إلى المؤتمر القومي للاتحاد، كما نشرته صحيفة " الانوار".(1)

القاهرة، 25/7/1970

 

( الانوار، ببيروت، 26/7/1970 )

          ان المرحلة القادمة التي يواجهها شعبنا مرحلة مفعمة بكل احتمالات العنف والخطر من جانب إسرائيل والقوى التي تساندها، فان العدو لن يسلم الأرض التي اغتصبها الا في معركة ضارية، وقد صمم شعبنا على ان يواجه المعركة واحتمالاتها وان يقدم كل تضحية وعطاء مهما بلغ حجمها، وكل مخاطر مهما بلغت جسامتها. ان كل شيء على هذه الأرض هو للمعركة ولن تستطيع قوة ان تمنع قواتنا من العبور لتحرير الأرض.

          شهد العام الأخير منذ انعقاد المؤتمر الثالث، تطورا كبيرا في الميدان العسكري على طريق رفض الأمر الواقع والإصرار على تغييره، والانتقال عبر مراحل النضال إلى مرحلة تحرير الأرض. كما شهد ذروة التصعيد العدواني لمنع القوى العربية من الوصول إلى القدرة على الهجوم من أجل التحرير.

          ان حرب الاستنزاف التي أعلنت في نيسان (إبريل) 1969 كانت ذروة استعدادات ضخمة، تم خلالها إعادة بناء القوات المسلحة القادرة، في ظروف كان ذلك فيها أشبه بالمعجزات، وتعبيرا عن استراتيجية لخوض حرب طويلة الأمد، تساندها إمكانيات الأمة العربية، أمام عدو تفرض عليه إمكانياته البشرية والطبيعية استراتيجية الحرب الخاطفة بحيث لا يستطيع ان يصمد لنزيف الدم والموارد، ولا يستطيع الانتشار للدفاع عن الأرض التي يحتلها، خاصة بعد أن تضاعفت عدة مرات في 1967، الا على حساب توزيع قواته وفقدانه ميزة تركيز القوة التي هي الميزة الأساسية في الحرب الخاطفة.

          لقد استطاعت حرب الاستنزاف ان تدمر حصون خط بارليف، وتحطم أسطورة الخط الذي لا يمكن اجتيازه، واستطاعت حرب العبور والاقتحام ان تلزم العدو مواقع الدفاع، وتكبده في مواجهات جسورة شجاعة، خسائر فادحة في الأرواح والمعدات متدرجة من العبور بواسطة وحدة صغيرة، فقوة سرية، فقوة كتيبة مشاة بكامل أسلحتها، كما استطاعت القوات المحمولة جوا وبحرا ان تقوم بعمليات جريئة في عمق العدو، وتدمر له قطعا بحرية كبيرة. وقامت حرب المدفعية، وما تزال تقوم بدور كبير في إلحاق خسائر مباشرة كبيرة بدشم وتحصينات وأفراد العدو.

          ولقد أدرك العدو انه لا يستطيع تحمل الآثار الفادحة لحرب الاستنزاف العربية، ومن ثم كان توقع إشراك العدو لقواته الجوية في المعركة منذ منتصف العام الماضي توقعا صحيحا. وكان التفوق في السلاح الجوي الإسرائيلي البعيد المدى الذي زودته الإمبريالية الأميركية بأحدث ما انتجته ترسانتها منه، هو الأداة الرئيسية التي اعتمد عليها العدو في محاولاته لإحباط حرب الاستنزاف العربية، عن طريق الهجمات المتصاعدة على مراكز تجمعات قواتنا وعلى دفاعاتنا الجوية على طول القناة.

          ان دفاعاتنا الجوية، والقوات الجوية المصرية، وقواتنا المسلحة كلها، استطاعت في ظروف شاقة ومعقدة القيام بدور بارز في افساد خطط العدو التي استهدف بها تحويل حرب الاستنزاف في اداء دورها المرحلي المرسوم في فتح الطريق إلى مرحلة التحرير.

          ان العدو، في محاولة يائسة لوقف حرب الاستنزاف وكسر صمود الشعب المصري، صعد غاراته الجوية في عمق الأرض المصرية، مستخدما طائرات الفانتوم الأميركية والقنابل الأميركية الصنع، ثم وجه غاراته في عمليات حمقاء بشعة عندما اغار بطائرات الفانتوم الأميركية وقنابل النابالم الأميركية والقنابل الموقوتة الانفجار الأميركية على مصنع مدني مصري في ابي زعبل، حيث قتل 86 عاملا وأصاب 146 بجراح، مؤكدا للعالم كله إجرامه وهمجيته، بالعدوان المرير والمتعمد على المراكز الاقتصادية والمدنية وعلى المواطنين المدنيين، وخاصة في اختيار توقيت القصف عند تواجد 1300 عامل بالمصنع، وعند تغيير وردية العمل التي يتزايد فيها عدد العمال، وذلك لقتل أكبر عدد ممكن من الضحايا.


(1) قدم هذا التقرير في جلسة سرية خاصة عقدها المؤتمر مساء السبت الواقع في الخامس والعشرين من تموز (يوليو).

<1>